المجزئون للحق
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
لدى الكثير من الناس القدرة الخارقة على رسم حدود لعوالمهم، ووضع خطة لأولوياتهم، مع العمل على جعل ذلك هو الشريعة والدين، وما عداه هو الشرك والكفر والإلحاد، وقد نجح هؤلاء باختراق العقول وصياغة الأفكار، في الوقع، إذ بات من المعلوم أن هناك مَن ينطلق باسم الدين ليقول: بتقسيم العلوم إلى علوم شرعية، وعلوم غير شرعية، مع أن الإسلام يحث على دراسة كل مجالٍ من المجالات التي توصل إلى معرفة الله، ومعرفة النفس البشرية، ومعرفة الكون بكل ما فيه من ظواهر ومخلوقات، لذلك فكل علمٍ يدخل في هذا السياق هو علم شرعي لدى الإسلام المرتبط بوحي الله سبحانه وتعالى، والملتزم بهداه، أما أولئك المنطلقون من نتاجات عصور التراجع والتخلف والجمود والانحطاط، التي عاشها إنساننا كمسلمين، فلم يكتفوا بتقسيم العلوم فقط، بل عملوا على حصر الحق في عدد لا بأس به من القضايا والمسائل، بعد أن قاموا بتجزئته إلى أجزاء يجب أن تختفي من الذهنية الخاصة والعامة، وأجزاء يجب أن تبقى هي الحاكمة للعقول والأذهان، البانية لخطابات الناس، والواضعة لهم الأسس التي تقوم عليها استراتيجية حركتهم على كل المستويات.
لذلك لا يجب أن نقف أمام ما يقدمه أولئك ونحن في حالة من الدهشة والاستغراب، ولاسيما حينما نجدهم قد أوجدوا خصومةً بين الله سبحانه وتعالى وبين الإنسان، فهم أصلاً قد جهلوا الحق المطلق، فكيف لا يجهلون مظاهر هذا الحق في الآفاق وفي الأنفس؟ وإنما لا بد لنا من مواجهتهم بكل ما هو حق، حتى يقبلوه ويسلموا به، باعتبار ما يقتضيه التسليم لله، أو يصدفوا عنه بدافع الكبر، أو الهوى والطمع والغرور.

أترك تعليقاً

التعليقات