إنها معركتنا وحدنا كأحرار
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
علينا أن نعمل بكل ما نمتلك من قوة، على إيجاد الأفراد القادرين على حمل المشروع الجهادي الثوري إلى المجتمع كله، والحريصين على تمثله بالمستوى الذي ينعكس على روحيتهم وسلوكهم وأنشطتهم وأفكارهم، عندها يصبح الوعي قيمةً متأصلةً في الوجدان المجتمعي، فلا يقوى أحدٌ على خداع الناس، أو التلبيس عليهم، أو استغلالهم لصالحه، أياً كان، ومهما امتلك من قدرات وإمكانات تتيح له المجال لكي يستقطب الجماهير، أو يفرض عليهم قناعاته ورؤاه الباطلة المضللة.
صحيحٌ قد يرى المخلصون والأحرار الواقع من حولهم لا يبشر بخير، وخصوصاً عندما يصبح الحال في كل شيء معقوداً بنواصي التهريج والمهرجين، ومبنياً على ما ترتضيه الذوات الخاوية من كل المقومات الدينية والإنسانية والأخلاقية، التي تنصب نفسها كحامية للحق، ومتحدثةٍ باسمه، ومعنيةٍ دون سواها في حمله إلى الناس، وتنفيذ مبادئه، وتحقيق أهدافه على أرض الواقع، الأمر الذي يجعل أولئك المخلصين والأحرار يشعرون باليأس والإحباط، يحاصرانهم من كل اتجاه، ويغلقان أمامهم كل منفذٍ يمكن من خلاله أن يتسلل الأمل إلى أرواحهم من جديد، فينهضون لاستكمال المسيرة على خطى التغيير والبناء والتحديث والتنمية، بل قد يندفع البعض إزاء كثرة ما يراه من فشلٍ ترافق مع عدة تجارب ومحاولات لإصلاح الواقع إلى الشك في الفكرة التي قامت عليها الحركة الثورية من الأساس، فينقلب على عقبيه مستسلماً لحركة الرياح، التي ستقوده في رحلة جديدة من التخبط والتيه، لن يجني منها إلا المزيد من الخيبة والندامة والخسران، كما قد يفضل البعض الآخر الاعتزال لكل ساحات العمل، مبرراً أن لا فائدة من البقاء والاستمرارية في ذلك، ولن يعدم الوسيلة أمام كل مَن لقيه مستفسراً عن سر اختفائه، بحيث سيقوم بسرد قائمة طويلة من الأسباب والمبررات، ساخراً من كل مَن لايزالون في ساحات الجهاد دماً وفكراً، والحقيقة: أن هؤلاء قد لا يكونون مقتنعين بكل ما يقولونه، ولكنهم أصبحوا يفضلون القعود والراحة على ساحة البذل والعناء والتعب والمجاهدة ليس إلا.
أما الثابتون المستقيمون على جادة الحق والصواب، فهم يدركون: أن فشل التجربة لا يعني بأي حال من الأحوال فشل الفكرة التي قامت عليها حركتهم، ولهم في صبر وعزيمة وصلابة وتصميم الأنبياء والرسل عبرةٌ ودرس، إلى جانب ما لدى كلٍ منهم من تجربةٍ على المستوى الشخصي، إذ واجهوا في ما يتعلق بحياتهم الخاصة الكثير من الصعوبات، وخاضوا أكثر من تجربة فاشلة، ولكنهم نجحوا في نهاية المطاف، ووصلوا لما كانوا يتمنون ويرجون الوصول إليه، بل حتى العلماء والمخترعون لا ترى أفكارهم واختراعاتهم النور إلا بعد مرورهم بمئات وربما بآلاف التجارب الموحية لهم بالفشل.
وعليه ليعلم كل حر: أن المعركة هي معركته، ولا مكان فيها للتراجع أو الضعف أو العزلة أو الاستسلام، بعد أن قطعنا نصف المسافة من الدرب الموصل لنا إلى كل ما نصبو إليه، ومادمنا قادرين على أن نعمل فلنجرب، ولا ضير أن نفشل اليوم، سنجرب غداً وهكذا حتى ننجح، المهم ألا يدفعنا وجود الطفح الجلدي على وجه وجسد الثورة إلى التنكر لروحها ومشروعها وقائدها.

أترك تعليقاً

التعليقات