ثواراً لا تجاراً
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -

قليلة هي تلك الوخزات للأقلام التي تبعث الحياة من جديد في محيط ضمائر اجتذبها الموت إلى ساحته وابتدأ يُعملُ فيها مديته ويكبلها بقيوده ويسلط عليها نيران العدمية المكونة أعواد حطبها من نوازع الغريزة وفلوات الأطماع وغابات التسلط وجحيم الأنانية المفرطة في الغي والمقبلة على البغي المتلحفة بالعُجب والسادرة في دركات الكبر.
وقد آليت على نفسي ألا أكون من غاضّي الطرف عن وهج هذه الأقلام التي هي بمثابة نجوم السماء للسارين في قلب الظلمة الحالكة بحثاً عن فجرهم المنشود.
لعلي أستهدي بها على سلامة مسلكي ودوام استقامتي، وهنا ومن واقع الانتماء لثورة مثلت سبيل النجاة الوحيد لنا كشعب، وشكلت قاعدة قوية ومتقدمة للأمة كلها فتحلقت حول نورها الوضاء أرواح المستضعفين كفراشات جذبتها نار أشواق مكبوتة في حنايا النفوس أولمت شغاف القلوب والأكباد كي تحظى بالانعتاق من ربقة الذل وغلبة القهر وأتون التبعية.
فلا يكون للاستكبار طريقٌ لفرض مشاريعه عليها، وليس أمام الاستعمار بابٌ ينفذ من خلاله إليها فينبري كالوحش فاتكاً بإنسانها، ناهباً لثرواتها، ومحطماً جدر منعتها وعزتها، مصادراً حريتها وسيادتها واستقلالها.
فمَن منا يا معشر المستضعفين لم يجد في ثورة الواحد والعشرين من أيلول الخالدة أسس قوته ومكمن الخصب المعد لتنامي غراس آماله وزروع مطامحه وتطلعاته؟! إنها ملاذنا ومأمننا، كيف لا وقد التقينا في ظلها بقيمتنا الإنسانية ووحدة الأصل البشري التي بموجبها توحدت مزقنا المتفرقة واجتمعت أشلاؤنا المتبعثرة؟! لأن ثورة أيلول المباركة باتت مقام إدراك لجوهر فطرتنا السليمة التي استجابت لله واستمسكت بما يحييها فتلاشت كل غشاوة منعتنا عن رؤية الحقيقة وحالت بيننا وبين اتخاذ الموقف الحق النابع من إحساس بالانتماء إلى دين الله الذي بموجبه ينبني دافعنا للتحرك جهاداً في سبيله وإقامة للقسط وتحقيق العدل بين عباده.
وقد منَّ الله علينا بعلم زماننا قائداً لهذه الثورة وثوارها يسير بنا في خط الرسالة المحمدية، مجسداً لامتدادها وحاملاً لروحيتها ومقدماً نموذجها الكامل في كل منحى من مناحي الحياة ومترتباتها المختلفة.
ومَن كـ"أبي جبريل" الذي تحول شعبنا في زمن قيادته له من شعب يرزح في خانات الصفرية إلى شعب تصفرت أمامه كل الأرقام، نتيجة لنهضة خلاقة ذات مسار تصاعدي انهارت تحت أقدامها كل غطرسات قوى الشر ووجد الشيطان الأكبر نفسه مهزوماً أمامها وبات العدو الصهيوني يناظر لحظة أزوف دنو أجله المحتوم بسواعد رجالها.
من هنا وجب علينا المضي قدماً في طريق ذات الشوكة مجترحين البطولات ومتخطين الصعاب ثواراً لا تجاراً، مؤمنين بالله إيمان أحرار لا مجال فيه للتنازل عن القيم التي من أبرزها العزة والكرامة، إيمان يقتلع كل باقية للصنمية والوثنية بمختلف صيغها وأنساقها ودعاواها. وعليه فإن أي إطار يسعى لتحجيمنا والعمل على تفريقنا فهو صنم، سواءً كان قبيلة أم منطقة أم حزباً أم مذهباً...

أترك تعليقاً

التعليقات