لا ضير
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
تبدو محتاراً، مشتتَ الذهن، متعبَ القلب، منهكَ الجسد، ضائق الصدر! فما الذي أودى بك إلى هذا الحال؟
هل هو الإحساس بالضعف في مواجهة ظروف الحيات ومصاعبها، أم هو الشعور بالهزيمة أمام الواقع، بما يحتويه من مظاهر التزييف والانحراف والخداع والكبر والظلم والعبث والعنجهية والمحسوبية والاستغلال واللامبالاة؟
كأنك تفكر بالتراجع والاستسلام! أليس كذلك؟
لا، وإنما هي لحظة تأمل لما حولي، ووقفةٌ مع النفس لمحاسبتها، ومراجعة كل سجلات أعمالنا التي عملناها معاً، علنا نخلص من ذلك إلى التوصل لأشياء يجب تصحيحها، وذنوب لا بد من تكفيرها، والاستغفار والإنابة إلى الله منها، مع العزم على تركها، وعدم الرجوع لمثلها في قادم الأيام، وربما استطعت التعرف على بعض الأسباب والمفردات التي رافقتني في معظم المحطات الحياتية والعملية، فكان منها ما أدى إلى نجاحي تارةً، ومنها ما كان يقف وراء فشلي وتراجعي واختفائي تارةً أخرى، فأتمسك بالأولى، وأحذر وأجانب الثانية.
والحق: أنني أقف هذا الموقف فقط مع كل ما هو متعلقٌ بحياتي الخاصة، وداخلٌ ضمن أموري الشخصية، أما ما كان متعلقاً بالشأن العام، من مواقف أبديتها، وكلمات نطقت بها، وأفكار دونتها، وتصرفات قمت بها، وإن قلّتْ، فأنا لست نادماً عليها أبداً، مهما انعكست آثارها عليّ سلباً، وزادت وتضاعفت كلفت ضريبة التزامي بها فلا بد من متابعتي في العمل على تعزيزها وحمايتها، حتى تصل إلى مرحلة النضج والكمال، وذلك لأني أعتبرها شهادةً لله، وأعمالاً تقربني منه سبحانه، فأنال بها رحمته، ويمنحني رضاه ومغفرته، وإذن ما الضير أن أدفع كلفتها أضعافاً، في بيتي، وفي صحوي ومنامي، وفي السوق والشارع، وفي كل مكان، طالما والعاقبة هي هكذا؟
أما ما نراه من ظلمات تمظهرت في الواقع بعدة أشكال، وتعددت مصادرها، واختلفت وتنوعت أماكنها فلن نألو جهداً في التصدي لها، حتى إزاحتها من الكون كله، وليس فقط من محيطنا، حتى وإن خالطنا أحياناً شيءٌ من التعب، أو لمسنا زيادة في المعاناة، واشتداداً للأخطار، فلن يوقفنا شيءٌ عن مواصلة الرحلة، ولن يحول بيننا وبين بلوغ الهدف النهائي أمرٌ مهما كان، لأننا ببساطة: قد رأينا النور، فأحببناه، ومستعدون لبذل أرواحنا ودمائنا، في سبيل نشره وتعميمه على كل نواحي هذا الوجود المترامي الأطراف.

أترك تعليقاً

التعليقات