مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
إن من يحمل هم الإسلام ويتحرك في سبيل الله ويسعى لإعلاء كلمته ويرغب في تغيير الواقع على أساس المبادئ السمحاء لهذا الدين وتعاليم المنهاج الإلهي القويم، يجب أن يدرك أن القرآن الكريم قد قدم لنا في ما تضمنه من آيات تحكي -عن مسيرة الأنبياء وتوضح كيفية عملهم، وتشرح لنا أبعاد ومنطلقات الحركة الرسالية لهم جميعاً- الصورة الكاملة التي لا بد من التزامها في تحركنا كعاملين في خط التغيير والإصلاح الذي لن يتحقق لنا بلوغ الغاية فيه إلا عندما نتحرك في موقعين هما:
الأول: موقع الدعوة، وهو الموقع الذي نعمل من خلاله على مخاطبة المجتمع باسم المشروع الذي ندعوهم لتبنيه والتزامه، وعلينا اتخاذ كل الأساليب واتباع كل السبل الممكنة من أجل النفاذ إلى قلوبهم ومشاعرهم وعقولهم، لأن هدفنا في ذلك كله هو تغيير وبناء القاعدة الفكرية للفرد أو المجتمع من الداخل.
الثاني: موقع الثورة، وهو الموقع الذي ننطلق منه لفرض التغيير لكل سلبيات الواقع من حولنا، وذلك من خلال التغيير والبناء للقاعدة السياسية من أجل فرض التغيير في الخارج وجعله صورة معبرة عن المثل الفكرية والقيمية التي نكتنزها في دواخل نفوسنا باعتبار ما أحدثه التحرك من الموقع الأول.
وعلى ضوء ما سبق يمكن لنا التوصل إلى نتيجة مفادها: أن كلاً من الفكر والثورة هما كلٌ لا يتجزأ، وإن امتاز أحدهما عن الآخر بمناخه ومناهجه وأساليبه الخاصة، بل إن ذلك الاختلاف هو ما يفرض على المخلصين للنهج والحاملين للمشروع مراعاة الدقة في تحركاتهم على الصعيدين الفكري والثوري، لأن الخلل في أحدهما يسبب اهتزازاً في المواقف وزلزلة وانكفاء وتراجعاً للحركة الثورية.
وعليه، فلا يمكن للثورة والفكر أن يبتعد أحدهما عن الآخر، ومتى ما ابتعدت الثورة عن الفكر وجانبته وانفصلت عنه بالكلية تمكن الأعداء من تطويعها والسيطرة عليها وتحويلها لصالحهم بعد أن كانت ضدهم من خلال إعطائها فكراً جديداً يتم بموجبه تحويل مسارها، لأن من قاموا بها لم يكونوا على قناعة بالأسس الحركية التي يقدمها الإسلام، ولم يكن تحركهم مبنياً على أساس الحق والباطل.
أما إذا ابتعد الفكر عن الثورة فإنه بذلك يبتعد عن واقع الحياة ويصبح فكراً مجرداً لا قيمة له فهو يتحرك في نطاق العدم ويدور في الفراغ، وهكذا ينكمش أصحابه ويتراجعون شيئاً فشيئاً حتى يصل بهم الحال إلى انعدام الوزن وموت الضمير والتخلي عن القيم والمبادئ، فهم الأموات، وإن تنفست أرواحهم بأنفاس الحياة.

أترك تعليقاً

التعليقات