دمعة في محراب الوصي
 

مجاهد الصريمي

مجاهد الصريمي / لا ميديا -
سيدي يا أبا الحسنين، ويا أعظم شاهد بعد القرآن الكريم على صدق نبوة سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله؛ السلام عليك شاهداً ومجاهداً وإماماً وحاكماً وشهيداً.
إننا في زمنٍ أطل فيه علينا نورك، وبعثتنا فيه أنفاسك، وشملنا فيه بعض خيرك وآثارك وبركاتك، زمنٍ صال خلاله ذو فقارك في كل الميادين والساحات القتالية وجال، زمنٍ علت فيه راية الحق، ونُكِسَتْ وديست بالأقدام وأُحرِقَتْ راية الباطل، زمنٍ كنت ولاتزال أنت فيه الإمام والقائد والقدوة والولي والمشروع، زمنٍ عادت للإسلام فيه روحه مجدداً من خلالك، وبتنا قاب قوسين أو أدنى من فتح خيبر الجديدة على يديك وبسيفك طبعاً.
لكننا يا سيدي نخشى على كل هذه الإنجازات العظمى والتحولات الكبرى من عديمي الوعي والبصيرة، قليلي الدين، ضعيفي النفوس، العاملين بسياسة الطاغوت مع أنهم عرفوا هدى الله، الخاذلين لك وللمجاهدين والشهداء والجرحى والأسرى وأسرهم المضحية، والشعب الحر الصابر الصامد الأبي المقدام المعطاء الحر الفعال بنظرتهم القاصرة، وآفاقهم المحدودة، وتصرفاتهم الرعناء، وسقطاتهم المشينة، وأفكارهم السطحية، وخطواتهم غير المدروسة، وسلوكياتهم وقراراتهم وطرق تعاملهم مع الناس من حولهم، التي لا نلمس فيها أدنى شاهد يوحي بأن لديهم شيئاً يدل على توليهم لك، واقتفائهم لآثارك، والتزامهم بفكرك ومنهجك ومشروعك، وسيرهم في خطك وعلى خُطاك، وتمثُلِهم لك في الكلمة والموقف والنظرة والأسلوب العملي، إذ باتوا امتداداً طبيعياً للسياسة الأموية، وصورة طبق الأصل من أبي جعفر المنصور ومَن تلاه من حكام وملوك بني العباس، وصار مفهوم ولايتك مجرد شعار لدغدغة العواطف وإلهاب الأحاسيس والمشاعر.
إنهم يسعون لحرماننا من عدلك وعلمك، وإبعادنا عن نهجك ومسلكك في الحياة، فأنت ترى أن السلطة والحكم ما كانا إلا من أجل تربية الناس وتزكيتهم ورعايتهم وتأمينهم ونشر العدل والمساواة بينهم وتعزيزهما حتى يصبحا الأصل الذي تقوم عليه طبيعة الواقع كله، والرحمة بهم في كل الأحوال، واستيعاب الجميع بصرف النظر عن موالاتهم أو معارضتهم لهما، إذ الجميع سواء في الحقوق والواجبات، وفي العطاء، وأمام القانون. أما هم فهما عندهم يقتصران على تجييش الجيوش، وجباية الخراج، وإدارة وتسيير شؤون الناس العامة بما يتفق مع رغباتهم وأهوائهم. وإذا كان سلفهم من الذين خذلوك في الماضي قد جعلوا الأعداء والأصدقاء يقولون عنك: إن ابن أبي طالب ليس له خبرة في الحرب، فإن خلفهم من المزريين يسعون لترسيخ قناعة معينة في الوجدان الجمعي عن حفيدك مفادها أنه رجل حرب فقط، وليس له خبرة في السياسة وإدارة وبناء الدولة.

أترك تعليقاً

التعليقات