خريج قسم التفاح اليمني
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -
أمانة لما أشوف أطفال المدارس يذهبون إلى مدارسهم كل صباح أتفاءل فيهم كثيراً، وأفتجع عليهم بنفس الوقت.. أقول أين سيذهبون بعد دراستهم؟! أين بيشتغل هؤلاء؟ إذا كان المدرسون حقهم بلا رواتب.
عبد المعطي صديقي خريج قسم التاريخ يبيع هذه الأيام تفاح فوق العربية بالميدان، أجزع أشتري منه حبة تفاح كمجاملة عشان أشعره أننا واقف جنبه وأسانده على الاستمرار في بيع التفاح وأحيانا الموز (أبو نقطة). عبده يعطينا حبة تفاح مجاناً جنب التفاحة التي أشتريها منه، يقول أمانة تأخذها للولد.
أمس أخذت كيلو تفاح، وحلف يمين ما يأخذ قيمته، بمناسبة إنه حصل على شغل وفيزا للسعودية. فرحت له كثيراً، ومزحت معه أيضاً. قلت له: طالما وأنت حصلت على فيزا وشغل وبتسافر للسعودية الدولة العدوة لليمن، أيش رأيك تعطينا العربية والتفاح الذي فوقها. ضحك عبده وقال: وأنت صدقت. قلت له: أنا أمزح. وربنا يوفقك يا عبده.
المهم عبده صديقي زمان بعد تخرجه مباشرة من قسم التاريخ في جامعة صنعاء، كان متفائلاً ويهدر كثيراً عن تاريخ اليمن والحضارة اليمنية العظيمة وعن المباني والقلاع والمعارك والتاريخية و... و... إلخ، وعندما اصطدم بالواقع وشاف أنه ما حصل على وظيفة ولا شغل في تخصصه، انتقل يطلب الله في قسم الفواكه اليمنية فوق عربيته. وأصبح يهدر عن تاريخ الفواكه اليمنية والأشجار والتربة والمبيدات والكربون... ويا لطيف تلطف.
أنا فارح لعبده أنه بيذهب السعودية يشتغل، وخائف بنفس الوقت إنه يرجع يهدر لي عن تاريخ المملكة وكلسون الملك فيصل المعلق بالمتحف حق السعودية. لا يا عبده، أقسم بالله إذا بترجع من السعودية تهدر عن تاريخ المملكة وتهدر مثل السعوديين وتقول أبغى كيلو تفاح، الوجه من الوجه أبيض. أمانة إنه أهون لك تجلس هنا فوق عربيتك تبيع فرسك وتفاح وبرقوق، والحبة التفاح التي تعطينا هي مجان كلما أجزع جنبك ماعد اشتيها.
المهم أنا أتفاءل بطلاب المدارس كثيرا وهم ذاهبون إلى مدارسهم، وخائف عليهم يرجعوا يبيعوا تفاح وبرقوق زي عبده. برغم أنه يطلب الله حلال زلال، وعمل شريف. بس كيف تدخل العقل أن شاباً زي عبده خريج، كان يحلم يتوظف ويكتب تاريخ اليمن الذي ما أحد كتبه، أصبح موظفاً في تاريخ التفاح اليمني الحالي والغالي والقديم والحاضر بالميدان.
وأنتم كلوا تفاح يمني، هذه الأيام موسمه، الكيلو التفاح بـ500 ريال والدنيا حق الله.
مودتي للطلاب. ادرسوا يا أبطال، وكله طلبة الله.

أترك تعليقاً

التعليقات