التقرير الصحفي وصاحب البابور
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -

في سنة ثانية كتبت أول تقرير صحفي في إحدى الصحف المحلية، وتناول موضوع العمال. طبعا أخذت الصحيفة وجزعت أُعلم أصحاب البلاد كلهم وأصحاب المحلات المعروفين والأصدقاء بالتقرير حقي. بعدها سافرت البلاد عشان أُعلم أبي وأهلي بالتقرير وأننا أصبحت صحفياً. 
طبعا عبدالله عبد الرحمن، صاحب البابور الذي كنت أشتغل وأحمل الأحجار عليه قبل دخولي كلية الإعلام، عرف أن عمر القاضي جاء من صنعاء. بكر بدري للبيت يدورنا يريد مني أشتغل معه أحمل أحجار لفوق البابور. أنا كنت نائم وقتها، ودخل صاحب البابور يصحيني من النوم. صحيت وسلمت عليه: أهلا! قال: هيا إلبس ثياب الشغل، معانا عشر زفات حجار نروح نحملهن لمنطقة الأصابح. قلت له: إيش؟! إيش؟! مش عارف أننا أصبحت صحفي؟! قال: لا، طيب وإذا أنت صحفي؟! قلت له: تشتينا أشتغل أحمل حجار وأنا صحفي؟! وقفزت أجري للغرفة الأخرى داخل بيتنا أحضر الصحيفة التي نشرت فيها تقريري عن العمال، ورجعت إليه أوريه التقرير.
أخذ الصحيفة وبدأ يتصفح العناوين، كان يقرأ وهو يدخن. قلت له: هنا بالصفحة الثالثة، وفتحت له مكان الصفحة حيث يتواجد التقرير حقي. بدأ يقرأ العنوان حق التقرير وأنا واقف جواره. ثم أشرت له بيدي إلى اسمي المكتوب في تقرير الصحيفة، وقلت له: وهذا اسمي، تقرير من؟! تقرير عمر القاضي. قال: صحيح، قدك صحفي من صدق وتكتب!! ثم التفت نحوي ينتظر ردي. قلت له: أيوة، مو نكذب؟! قال: يعني ماع د بتشتغل فوق البابور؟! قلت له: لو تحلم!!
ضحك وحط الصحيفة وقال: خيرة الله! وأضاف قبل أن يغادر: قد كنت فرحت إنك رجعت من صنعاء وبتشتغل معي، لكنك رجعت لنا صحفي. وتابع: كله من الأخدام، تمردوا عليّ ما عد رضوا يشتغلوا معي، باروح أدور لي عمال. ثم غادر.
طبعا مضت 3 أيام وأنا مازلت في القرية إلى أن كملت الـ5000 ريال المصروف اللي كان معي. في اليوم الرابع لبست البدلة القديمة اللي كنت أشقي واشتغل بها فوق البابور نفسه بالقرية قبل دخولي كلية الإعلام وكتابة التقرير في الصحيفة، ثم اتجهت نحو الخط الإسفلتي أسفل قريتنا، وقعدت هناك أنتظر البابور إلى أن وصل. شاهدت قدوم البابور ثم وقفت وسط الخط الإسفلتي ملوحاً بيدي لإيقاف البابور.
طبعا عبد الله، صاحب البابور، شاهدني وسط الخط واقف وقد عرفني فتوقف بهدوء، وقال لي: خير يا صحفي؟! اقتربت منه وقلت له: ايش من صحفي وخبر فاضي؟! أنا شاقي وبس. ثم التفيت على البابور وفتحت الباب الأمامي وطلعت فوق البابور. قلت له: انطلق يا صديقي القديم! فانطلق عبدالله بالبابور وهو يسألني: يعني قررت تشتغل؟! قلت له: أيوة، ما لك أنت؟! باشتغل ونص. قال ساخراً: لا والله ما يجوز، أنت صحفي كبير مش حق حمل حجار! قلت له: هجعنا، ما حد يعرف يقع صحفي أسبوع، ليش أنت صدقت أننا صحفي (معاذ الله)؟!
استمريت أحمل أحجار فوق البابور لمدة أسبوعين، ثم سافرت إلى صنعاء مرة ثانية عشان أدرس وأوقع صحفي من جديد، ومن ذلك الوقت استمريت أكتب في عدة صحف حتى اللحظة وأنا أكتب وملتزم بمقال أسبوعي ساخر في صحيفة «لا» اليومية الرائعة.

أترك تعليقاً

التعليقات