خندقها يا مرتزق
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -

عدت من البلاد إلى صنعاء قبل أسبوع. وقد انقطعت عن الكتابة في يومية «لا» اليومية لمدة شهر كامل. الصدق عدت من البلاد وأنا مستاء من أغلب الأصدقاء والزملاء والقراء. تعرفوا لماذا؟ لأنهم لم يسألوا أو يطمئنوا عليّ، حتى ولو برنة. لقد شعرت بحجم التطنيش والقسوة التي يعيشها اليمنيون. كنت أنتظر من البعض أن يسألوا عني، لكن للأسف ما اتصلوا. مكانكم بتسافروا يا نزغات، والله ما أسأل عليكم!
سأذكر هنا الذين تواصلوا معي، ومنهم زوجتي العظيمة التي تواصلت معي طول الطريق تطمن عليّ. وقد فرحت بذلك كثيراً، غير أنها كانت وبعد كل اتصال تجريه معي تسألني: متى بيصرفوا راتب صحيفة «الثوري»، (الـ30 ألف ريال)، عشان تدفعه إيجار. يعني لو كنت مش مستأجر والبيت الذي أقطنه حقي، شكلها والله ما بتسأل عني ولا تتصل.. الإيجار يجمعنا! 
المتصل الثاني رفيق عزيز عليّ وقد اتصل بي يبشرني بأن الله رزقه طفلة سماها «هافانا». فرحت لصديقي أنس، وباركت له أيضاً. تتربى بعزك يا رفيقي.
أما الاتصال الثالث فقد كان من شخص ناصري أخجف أعرفه من الساحة، يدعي أنه محامٍ. اتصل بي من رقم جديد ولم أعرف أنه هو المتصل، وقد رددت عليه وليتني لم أرد. اتصل بي للبلاد يريد مني أن أحضر للمحكمة بصنعاء لكي أشهد معه في قضية له مع المؤجر مطلع 2013، حيث رفع هذا المحامي ضد المؤجر دعوى بأنه أخذ عفشه.
أنا حضرت تلك الأيام لمساعدة هذا المحامي الناصري على النقل وغادرت.ولا أعرف أي شيء عما حدث بينه وبين المؤجر. المهم هذا المحامي الأخجف من هاذيك الأيام وهو يلاحقني للشهادة معه في المحكمة. طبعا رديت عليه زي كل مرة أننا ما بحضر، لأننا ما اعرفش أيش دار بينه وبين المؤجر. 
وقد ختمت ذلك الاتصال برد هكذا: «أنا مش شغال مع أبوك»، وغلقت الجوال في وجهه.
لكن هذا المحامي النتن ذهب يبعث لي رسالة يهددنا فيها إنه بيصدر أمر قهري ضدي. طبعا ضحكت، ورديت عليه: خندقها يا مرتزق!
لعنتي على الناصريين والمحامين والمؤجرين، ولا أريد أحد يتصل بي عندما أسافر أو أغيب.
قلت بانروح البلاد نغير جو ونرتاح، إلا ويلاحقك للبلاد محامي عفن، يريدك تطلع تشهد زور وباطل، عشان يتم الإفراج عن الغسالة حقه. زي هذا الناصري العفن ما يذكرك إلا عندما ترفض زوجته تصبن ملابسه. يذكرك إنك نقلت معه زمان وقام يتصل لك آخر الليل. الله لا ألحقك خير أنت وزوجتك والعفش حقك. زي هذا الناصري أمانة يحتاج نقل إلى الأزرقين. 
سافرت إلى تعز، وجزعت طوال الطريق على 250 نقطة تفتيش. وكل القائمين على النقاط طوال الخط يسألونك: إلى أين؟ يعني بالله عليكم إلى أين بانسافر؟! ونحن نرد عليهم: إلى تعز. بعدها يأمرك المستلم في النقطة الأمنية هكذا: «اطلع»، طبعاً ونحن نطلع من النقطة ومن فوق مطب بعرض متر وارتفاع 20 سنتيمتر. وكل نقطة معاها مطب. 
عبرنا فوق أكثر من 300 مطب من صنعاء إلى الدمنة بتعز. صاحب البطاط يفعل مطب، وصاحب الماء البارد معه مطب وثلاجة فاعلها وسط الخط، وبائع الرمان مطب... وانت احسب. 
جزعنا طرق وعرة. استغرقنا 15 ساعة سفر للوصول إلى القرية! هيا بالله عليكم كيف واحد يفهم هذا المحامي الناصري العرطة؟! ما لكم من أبوه. 
زرت مدينة التربة والقرية والأقارب والأصدقاء، وعرفت الوضع العام في مدينة التربة التي تحتلها الإمارات والسعودية عبر مرتزقتها المنقسمين إلى نصفين: نصف تبع مليشيات الإصلاح، والنصف الآخر تبع مليشيات اللواء 35 والسلفيين، وهات يا معارك ميدانية وإعلامية بين المرتزقة في مدينة التربة. مرة يغلقوا المدينة ومرة يشتبكوا فوق رؤوس الناس. أما المعارك الإعلامية فهي مستمرة بينهم دون توقف، وكل واحد هناك يأكل الثاني.
سأتوقف عند هذه النقطة، على أن أكتب تفاصيل ما تضمنته رحلتي إلى القرية في ملف صحفي سينشر قريباً في يومية «لا» الرائعة.

أترك تعليقاً

التعليقات