الكريم المُطفري!
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -
نخاف من بكرة، أيوه نخاف من بكرة ونقلق من الغد المبهم. إن ضحكنا كثيراً نتوقف فجأة، خوفاً من أن كثرة الضحك سيجلب بعده البكاء والمصائب. إن فرحنا سوف نحدث أنفسنا بالقول: الله يعلم ماذا ستحلُ علينا من مصيبة بعد هذه الفرحة.. نخاف من بكرة، ومن الغد المجهول، الغد المرعب الذي قنن من صرفياتنا في المؤونة والمال. الغد المرعب يوقف ضحكتك وفرحتك وبدون حق.
أيضاً سوف تسمع الكثير من العبارات المتداولة والمرعبة، والتي تعزز خوفك من بكرة كـ«اليوم معك وبكرة ما معك»، «خبي لك شوية للأيام السود»، «الله يعلم ما تخبئ لنا الأيام»، «النعمة ما تدوم»، «يا خوفنا من بكرة»، «يوم لك ويوم عليك»، حتى وصلنا حد أن نخاف من مشاعرنا الجميلة، ومن الشوق ولقاء الأحباب والبشارات الحلوة. وإلا لما قال الشاعر السوداني الهادي آدم «يا خوف فؤادي من غدٍ» في إحدى أبيات قصيدته «أغداً ألقاك»، أنا مستغرب من الخوف الذي يصدر قبل المواعيد واللقاءات الغرامية، لكنه على ما أعتقد أجمل خوف على الإطلاق.
لا أريد التوقف هنا، سأنتقل إلى البعض ممن هم ضد ما ذكرت في السابق جملة وتفصيلا، وهم الذين لا يعيرون بكرة ولا بعد بكرة أي خوف أو أي اهتمام.. يضحكون إلى ما لا نهاية، ويفرحون حتى تنتهي فرحتهم من ذاتها وليس خوفاً من بكرة. يصرفون كل ما بحوزتهم بسخاء وكرم، وبدون خوف ورعب، ولا ينتظرون أي مردود لهذا الكرم قد يعود إليهم في المستقبل.. هؤلاء هم الكرماء فقط.. أما من يخاف الغد وبكرة فلن يكون كريماً. الكرماء يؤمنون بمقولات معروفة ومشهورة؛ مثل «دق بس، بكرة لها شمس وريح»، و»ربك كريم»، و»بكرة بيفرجها ربك».
الكريم يثق بالله أكثر من البخيل، لو كان البخيل يثق كثيراً بخالقه لما حاصر نفسه وتعشى حبة رغيف مع عصرة ثوم.. أيضاً الكريم ستجده شجاعاً وصبوراً في كل شيء، لذلك لا يخاف من الغد، بينما البخيل ستجده جباناً ويخاف من كل شيء حوله، ويخاف من بكرة أيضاً.

أترك تعليقاً

التعليقات