القطمة ضاعت
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -

في سنة ثانية بالكلية أرسلت لي أمي العظيمة قطمة (شوال صغير) كعك من البلاد، أرسلتها مع طبل مسفوخ. بعد أن تم تسليم الطبل قطمة الكعك وزكنوا عليه يكتب عرض القطمة تسلم إلى يد عمر عبدالعزيز. 
الطبل وقطمة الكعك وصلوا صنعاء بحمد الله وحفظه، وبعد يومين اتصلوا بي من القرية يبشروني أن أمي أرسلت لي قطمة كعك مع الطبل محمد. فرحت بهذا الخبر. قلت بخزن لبعد المغرب وأروح لقطمة الكعك حقي. أنا زدت تأخرت يومين إضافيين فوق اليومين السابقين من وقت إرسال الكعك، يعني الكعك صار لهن 4 أيام بحوزة الطبل. 
لم يأت أحد ليأخذ الكعك، والطبل مش عارف لمن، لأنه نسي يكتب عليهن اسمي.
كنت مخزن في العزبة مع زملاء طلاب يدرسون في أقسام مختلفة (كيمياء وأحياء ومنهم من يدرس في كلية الآداب)، وقد قاموا بعد المغرب عشان يروحوا يتعشوا، طبعا عزموني معاهم، قلت أنا عادنا مخزن بتعشي بعدين راكن على الكعك الذي مع الطبل.
عاد الطلاب من المطعم، وأنا مازلت مخزن، وبعد العشاء ذهبت وأنا جاوع بحالة إلى حي القاع عشان أجيب الكعك. كنت فاعل خطة لاستلامهن، قلت بروح أخذهن من القاع وأجزع البوفية أزكن قوطي حليب من عند صلاح الشيباني واندعها عشوة بطيبة نفس. وصلت إلى حي القاع حيث يتواجد طبل بلادنا، بحثت عن الطبل مش موجود. سألت عنه هناك، قالوا إنه راح يحمل بعض الأغراض من الحصبة وبيرجع بعد نصف ساعة. جلست أنتظر بالشارع واتفرج على الناس المارة هناك. أذكر أن واحد جزع يسألني عن اسم طبل ولم أفده بشيء، قلت له روح اسأل صاحب الباص هاذاك، وأشرت إليه. 
وصاحب سيارة كان بيفعل حادث مع سيارة أخرى، واكتفى أحدهما بشتم الآخر وفحط. بقيت أنتظر الطبل هناك إلى أن مضت حوالي ساعة، وقد شعرت أني تثلجت من البرد بالشارع. بعد ساعة برد وأنا أنتظر، قلت بروح أشرب واحد شاهي أحمر بالبوفية حق صلاح. رحت وشربت الواحد الأحمر، ورجعت أنتظر الطبل والكعك إلى الساعة العاشرة والنصف ليلا. كنت مصمم ألا أعود إلى العزبة إلا بقطمة الكعك. شبعت انتظار وبرد في الشارع في سبيل الكعك. قلت بروح أسأل الطبل الآخر الذي كان قاعد داخل باص متوقف. سألته عن الطبل محمد. قال لي: محمد قد خرج من صنعاء قبل شوية مروح للبلاد. قلت له: قالوا إنه بيعود إلى هنا. قال: أيوه عاد وأخذ رسالة من البقالة ومشي. طبعا الطبل يمكن عاد إلى المكان في الوقت الذي أنا ذهبت أشرب فيه شاهي. يا لعينة الجن والحظ.
توكلت على الله ورجعت للعزبة، دخلت أجلس بين الزملاء وهم شابعين ومخزنين. في تلك الليلة شاهدت اكتمال التعاسة والدبور الذي أنا فيه. كنت بقوم أتعشى معاهم ركنت على قطمة الكعك. المهم مرت عليَّ ليلة سوداء. وبعد حوالي 3 أيام جعت وذهبت إلى نفس المكان مرة أخرى أنتظر وصول الطبل من البلاد لأسأله عن الكعك. جلست أنتظره هناك في نفس المكان ربع ساعة. قلت هذا المكان مدبر بنتقل مكان آخر أنتظر فيه. فكرت آخذ رقم الطبل من أي شخص هناك، وبعد 8 أيام. لعنتي على هذه السفخة. لماذا لم أخذه بنفس اليوم السابق عندما جيت أبحث عنه؟ شاهدتم على سفخة بنت كلب.
الكعك أصبح لهن 8 أيام بالوفاء والتمام مع الطبل، وبعد دقائق وصل طبل بلادنا فرحت أجري نحوه وأسلم عليه. قال لي: خير، مو معك؟ قلت له: أمي أرسلت معك بقطمة كعك المرة السابقة. الطبل ذكر ولطم على وجهه وصاح: أووو، الكعك حقك؟! قلت: لا حق الجيران، أيوه حقي.
قال: أنا آسف والله نسيت. قلت له: عادي تحصل يا صديقي، أين الكعك الآن؟ قال: يا صديقي ما عرفت الكعك حق من. وتابع هدرته بقوله: قده مروح لهن لليوم أسبوع وشوية، قد أكلهن الجرشبل، يقصد العامل الذي يحمل معه وينقل العفش للمخزن.
وبرر للجرشبل حقه: بدل ما يخربين أكلهن مش أفضل. قلت له: مش أفضل، معرفش، أشتي حقي الكعك، أنا بلا عشاء راكن عليهن. ضحك وقال: سهل انتظرنا أكمل أنفل العفش ونتعشي سوا. انتظرته حتى أكمل يفرغ العفش وذهبنا نتعشي سوا. وبعدها استمريت كلما كنت أحنب وأجوع أجزع للطبل لحي القاع أدور الكعك وأقول له: أين القطمة الكعك حقي، وهو يفهم ويقول لي: انتظر بنتعشى سوا. ما أحلى هذه العبارة وقتها. وأصبحت قطمة الكعك نقطة ابتزاز للطبل أتعشى من فوقهن.
من قال له ينسى ولم يكتب عرض القطمة اسمي، كمان من قال له يسمح للجرشبل حقه يأكلهن. بعدها اتصلت للقرية وقلت لهم إن الكعك وصلين حتى لاتجلس أمي زعلانة ومقهورة وتدعي على الطبل ويروح في حادث (الله لا قال ولا قدر). وقلت لهم: كونوا ارسلوهن مع طبل آخر.
من منكم لا يتذكر الكعك أيام الكلية، الكعك التي كانت ترسلها بعض الأمهات لأبنائهن الطلاب. 
وللعلم الكعك التي كانت ترسلهن أمي ارتفاع الحبة بحجم 2 سانت ونص. حبة كعك قروية كانت بحجم 8 حبات كعك نحيلة ومرهفة من حق المدينة. هناك فارق كبير.

أترك تعليقاً

التعليقات