جغرافية للبيع!
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -
شاهدت قيادات ومسؤولين في الدولة، أغلبهم من وزارة التربية والتعليم، نزلوا «يا سعم» يدشنوا العام الدراسي الجديد.. على من تكذبون وتزايدون.. آباء وأمهات الطلاب يشترون كتبهم المدرسية من أرصفة الشوارع والسوق السوداء بفلوس.
ألا تخجلون أيها المسؤولين وقد حولتم العلم والتعليم لسوق سوداء؟ أليس من العيب بحقكم كمسؤولين أن تدشنوا بداية عام جديد لطلاب لا يملكون قيمة شراء الكتب..؟ تخيل أن طلابنا وأبناءنا يشترون كتب الجغرافيا من الرصيف بفلوس علشان يتعلموا السيادة ومساحة اليمن والتضاريس، وماذا يحد اليمن من الشمال والغرب والشرق والجنوب و.. إلخ «جغرافية للبيع»!
ماذا تنتظروا من أجيال يدفعون مقابل تعليمهم ومعلوماتهم ومقابل كل شيء أكلهم وشربهم وسكنهم وضوئهم ومواصلاتهم بزلط...
 كيف سيدافعون عن الجغرافية ويحفظون السيادة وهم يدفعون الغالي والرخيص عشان يتعلموا ويعيشوا بصعوبة؟ طالما فيها دحس وجبايات ومال، من السهولة أن تبنى لديهم ثقافة المادية والبيع والشراء.
ماذا تنتظرون من طالب يشتري مادة القرآن الكريم ومادتي التربية الإسلامية والوطنية بالمال؟ طلاب يباع لهم مادة القرآن كيف سيعملون فيه؟ لا تقلي هذا عائد على إخلاصه وإيمانه. لقد شاهدنا بعض الأجيال السابقة وخريجي الكليات وبالذات الكليات العسكرية والشريعة والمحاماة والقانون أثناء تخرجهم حلفوا الأيمان بعدم البيع والخيانة، وبالأخير وجدناهم يؤيدون العدوان على بلدهم، هذا وهم درسوا وحصلوا على الكتاب مجاناً أيام زمان.. أو الذين ابتعثتهم اليمن للدراسة للخارج يدرسون تخصصاتهم المختلفة منهم من عاد يبتاع ويشتري بمهنته وتخصصه وذبح الذبح للمواطن.
هنا لا أعمم، فقط أنبهكم إلى خطر إرغام الطلاب وتعويدهم على ثقافة المادية والدفع مقابل كل شيء، لن تجدوهم مخلصين وأنتم تنتزعوا منهم الرحمة والإنسانية والتعاطف، ولن نجد إلا القليل منهم من هو مخلص ويمارس مهنته وعمله بإنسانية.
طبيعي يتعامل عند تخرجه ويمارس مهنته بنفس الأسلوب، كيف لا وهو دفع ملايين لأجل يتعلم ويعيد ما دفعته أسرته له خلال دراسته ولو أفسد وسرق وخلس المرضى ولو خان مؤسسته التي يعمل فيها.
ستقولون إننا نُبالغ بهذا الكلام. إلا أن ما قلناه ليس فيه أية مبالغة، فقط نلفت انتباهكم لكارثة مستقبلية، وأتمنى أن ترحموا الناس وتتعاطفوا مع أبنائنا وتوفروا لهم الخدمات الأساسية.
ناهيك عن الرسوم الباهظة التي يدفعها الطلاب للمدارس الخاصة، وأنتم يا مسؤولين تعرفون كل ذلك.
ما قد حصلت في تاريخ التعليم باليمن بالسابق، كما يحصل الآن بأن الكتب المدرسية تباع بزلط وبالشوارع.. مله يكفي ظلم وفساد ولا عاد تدشنوا عام دراسي، وأنتم مش قادرين توفروا كتب مدرسية مجانية للطلاب.

أترك تعليقاً

التعليقات