عملتنا وارجع بعدين
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -
يا خلق الله أوراق عملتنا النقدية تنقرض. إيه والله عشرات الأوراق من الفئات الصغيرة، أبو 50 و100 و200 و250 ريالاً، تندثر وتتوارى من السوق يومياً، ولو حسبنا قيمة عدد الأوراق المنتهية، والتي فقدناها وخرجت عن الخدمة خلال الأشهر الخمسة الأخيرة فقط بيطلع مبلغ كبير جدا ومخيف.
أنا لا أفهم بتفاصيل العملة النقدية كثيرا، ولا بخطوات الطباعة أو السيولة و… و… إلخ. فقط أفهم أنها كارثة ستحل علينا عندما أشاهد عشرات الأوراق يوميا أمامي وهي تندثر.
يوميا أشاهد أوراقاً منهكة وملصقة ومدبسة بجميع أنواع اللواصق والمثبتات وفي كل مكان، أوراقاً مبتورة وحالتها يرثى إليه.
ومؤخرا وصل الأمر إلى أن أتدخل وأفرع (أصلح) بين الزبائن وأصحاب المحلات، وبين الركاب وأصحاب الموتورات والسائقين، وبين الزبائن والمقاوتة، لما يحدث من صراع مستمر في سبيل تمرير العملة حقنا المدقدقة.
كل يوم أسمع وأشاهد زبوناً واقفاً أمام بقالة أو محل وهو يحاول ويترجى صاحب البقالة لتمرير الزلط المقطعة ويحلف الأيمان أنها تمشي، وكلها هكذا مقطعة بالسوق وزبون آخر أسمعه يقول لصاحب البقالة: أنا أخذتها منك في الأمس.
أصحاب البقالات منهم من يقبل العملة وهي مدقدقة ومنهم من يرفضها ويردها للزبون مبرراً أن بقية الزبائن لن يقبلوها منه عندما يردها لهم كباقي.
أنا أحيانا أتدخل وأفرع بينهما. طبعا مع وقوفي بصف الزبون ومساندتي الدائمة له.
وأحيانا أصبح أنا الضحية وفي مكان الزبون الحانب أمام البقالة، أصبح ضحية ولا أجد من يساندني لتمرير 100 ريال مقطعة التي تشبه ورق التتن تماما.
مرة أتوفق بتمريرها، ومرة أكفتها له بالتحايل حتى لا يشاهد عيبها وإذا رفضها أكفتها بجيبي وأعود البيت خائباً. أيش نفعل يا خلق الله، طالما والشرعجية والتحالف يعملوا ليل نهار في سبيل تدمير عملتنا العظيمة. وها هي عملتنا قد صلت إلى هذا الوضع المحزن.
بالإضافة إلى هذه المعاناة، هناك معاناة أخرى متمثلة في أزمة الصرف «الفكة» والعددي والباقي. وأصبح الباعة وسائقو المواصلات وأصحاب المحلات يرددون عبارتهم المعروفة للزبائن: «ما فيش صرف، وارجع بعدين»، وإلا يعطيك البقال جعالة بدل الباقي. مثلا تبقي عند صاحب البقالة 50 ولا 100 ريال يعطيك بدالها لبان ونعنع ويخارجك بطريقة غير منصفة. تحاول ترفض الجعالة وتطالبه بحقك الخمسين الريال، يقول لك ما فيش صرف ولا عددي، وفتح لك الدرج حقه. ومن هذا الشغل وتبقى عنده كل يوم 50 ولا 100 ريال، تبقى عندهم حتى نصل إلى حل وطني ينقذ عملتنا من الحرب التي يشنها العدوان عبر مرتزقته الذين يعيثون بعملتنا الوطنية فسادا ودمارا، ولم يرعوا أنها عملة شعب وأجيال، ومهما وصلت بيننا الحرب والعداوة تبقى العملة الوطنية والرواتب والبنك المركزي والثوابت بعيدة عن الصراع يا شرعجية الفنادق قبحكم الله.
وعلى القيادة والجهات المختصة بصنعاء وضع الحلول والمعالجات المتوفرة إلى أن يفرجها الله على الجميع ويخلصنا من حقد وأهداف العدوان القذر، حتى لا نصل لمرحلة ويرجع لك صاحب البقالة جعالة بـ500 ريال بالباقي حقك وبذريعة أنه ما فيش معه صرف (فكة)، وحتى لا نصل إلى ما وصلت إليه مناطق الشرعية في الغلاء والفساد والفوضى.

أترك تعليقاً

التعليقات