هاشتاغ وترند قاتلان!
 

عمر القاضي

عمر القاضي / لا ميديا -
كل يوم يصنعون لكم ترند أو هاشتاغ، لا أعرف بالضبط من هم صانعو الترندات والهاشتاغات. لكن الأكيد أن شركات التواصل الاجتماعي هي التي تروجها بحسب سياسة الدولة التابعة لها.. ترندات وهاشتاغات يومية ومستمرة. أكثرها غير مستحقة لتتصدر الواجهة وتصبح رأيا عاما. أغلبها لأشخاص لم يكن لهم قيمة ولا ثقل ولا أهمية ولا موضوعهم يهم أحدا.. أشخاص فرغ لم يصنعوا معجزات ولا بطولات ويتصدرون في ترندات وهاشتاغات على وسائل التواصل، وجميعنا نتفاعل معها، ويصبح شخص أحمق وفارغ في يوم وليلة مشهورا ويزداد أعداد متابعيه، وعلى ماذا؟ على الفرغة أو لأنه قال جملة هبلة أو منشور مستفز. أو صرح أو اختلف مع صديقه على موضوع زلط. يعني يتصدر أشخاص عبر ترندات وهاشتاغات من اللاشيء.
أيضاً ترندات وهاشتاغات الأشخاص تتصدر أكثر من قضايانا الحقيقية والمهمة. أكثر من معاناتنا ومشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية. طيب لماذا لا تتصدر قضية المريض أو الجائع أو السجين أو المشرد أو.. أو.. إلخ. وتصبح ترند أو هاشتاغ. قضايا كهذه مستحقة. لكن للأسف تتصدر قصايا بايخة وشخصية على حساب القضايا الأهم.
هكذا تدير شركات التواصل معاناتنا بتصدير وإثارة المواضيع العنصرية والمواضيع المفرغة والأقل أهمية للواجهة والمشهد بدلاً عن قضايانا المستحقة والمهمة، وهكذا ترند وهاشتاغ يلحقه آخر. وأطول مدة لهما لا تتجاوز اليومين ثم ينتهي وننتقل إلى واحد جديد وغير مستحق ولا يعني المواطن المطفري الكادح بشيء.. فقط يعني نخبة ومجموعة أشخاص أغلبهم يتواجدون هنا لأجل المزايدة والتوظيف لا لأجل المعالجة والنقد السليم ويجعلون أحياناً من موضوع بايخ ذي أهمية.
طيب أنا ما دخل أفكاري بقضية لا تهمني بشيء ولا تهم 99% من الشعب. ما دخل الـ99 الذين يكدون لأجل لقمة العيش والمنقطعة رواتبهم بموضوع فارغ وقع بين اثنين. يفترض الترندات أو الهاشتاغات للقضايا العامة والمهمة والمستحقة التي تهم الجميع وليس للأشخاص وحماقتهم. لماذا لا تصبح معاناة المرضى والموظفين الذين بدون راتب والانتهاكات ومعاناة المواطنين من رفع الأسعار الباهظة والإيجارات ترندات وهاشتاغات.
ولا أنكر أن هناك ترندات وهاشتاغات تصدرت وكانت مستحقة بالفعل. بالإضافة إلى ذلك أن كل موضوع أو قضية تتصدر لمدة يوم أو يومين بالكثير ثم تنتهي وتطوى بالنسيان وتنتهي تماماً. وأتحداكم تعيدون ترند أو هاشتاغ بعد شهر أو نصف شهر من تصدره وسائل التواصل، صعب جداً. لن يتفاعل أحد مع موضوع أو قضية الترند أو الهاشتاغ السابق حتى إذا كانت أحداث الموضوع أو القضية الفلانية التي أصبحت في ما سبق ترند وهاشتاغ قوي وله ضجة ثم انتهى وتطورات أحداثه بعد شهر أو أقل من شهر.
الترندات أو الهاشتاغات لا تعود للواجهة مجدداً. وهدفها الرئيسي هو قتل وطمر وطي القضايا المهمة وإلى الأبد. فالمتابع أصبح كائنا لحظيا ويبحث عن الجديد في أسواق التواصل. لأن وسائل التواصل عودتهم على التسابق والسرعة والفوضى في عرض المواضيع عبر ترندات لحظية وتنتهي.
أيضاً لا تسمح شركات التواصل أن تستمر القضايا المهمة والحقيقة عبر ترندات أكثر. بحيث كل قضية تأخذ حقها ومداها من الوقت إلى أن تعالج. تتذكرون قبل ظهور التطبيقات مثل الفيسبوك والواتس والتويتر والتلجرام و.. و.. إلخ. عندما كانت تتصدر القضايا في ترندات صحفية وكم كانت تستمر؟ كانت تستمر لأيام وأشهر وتتجاوز بعضها للعام والعامين. مثلا: كقضية الدكتور الشهيد درهم القدسي، والسفاح محمد آدم السوداني، وقبلها قضية الشهيدة لينا عبدالخالق.. فقط القضية الوحيدة التي أخذت حقها في الاستمرارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي كترند مستمر متقطعة وهي قضية الشهيد عبدالله الأغبري، وكانت قضيته بالفعل تستحق ذلك الاستمرار في تصدر المشهد.
ونعيد أنه في عالم التطبيقات ممنوع استمرار أي قضية تبقى متصدرة المشهد أكثر من يوم أو نص يوم أو يومين كأكثر مدة لها.. وأعتبر أن هذا الإجراء اللحظي مناسب مع المواضيع الهبلة والسامجة التي تتصدر إلى ترندات وتتوارى فقط.

أترك تعليقاً

التعليقات