طير فلس
 

عمر القاضي

#عمر_القاضي / #لا_ميديا - 

أتذكر أنني كتبت مقالا قبل عامين بعنوان «أنا والألف الريال المقطوعة»، يحكي معاناة المواطن مع العملة اليمنية القديمة المدقدقة. والآن سأكتب عن الألف الريال الجديدة التي طبعتها «الشرعية» هِوان لنا فقط. الآن هذه العملة ما عاد تقبل بعد قرار البنك الذي منعها ويحذر من تداولها.
قبل يومين جزعت بالألف الريال الجديدة حوالي 6 بقالات، والجميع يرفضها، قلت بارجع اشتري روتي من الفرن الذي بالزغط. وبمشيها هناك لأن صاحب الفرن الذي بالزغط لايتابع سياسة ولا قرارات اقتصادية، يكون عاده مش عارف بالقرار الجديد. وبايمشيها عنده هرية. وصلت الفرن، عادنا ما هدرت ولا خرجت الألف الجديدة إلا والخباز يرد علي من جوار الموقد حقه قبل المحاسب: زلط جديدة مانقبلهاش. قلت: لا زلط جديدة ولا قديمة، حتى أنتم قدكم عارفين بقرار البنك.. مع السلامة، وغادرت الفرن.
ثم رجعت إلى الأمر الواقع، مش لسلطة الأمر الواقع حقنا التي ما نلقى بعدها إلا الدردحة والقرارات العوجاء.
رجعت للواقع وقلت باركب موتور وعلى ربك، دقها تعامس يا عمر ولا كأنك عارف بشيء.
وقفت موتور وركبت إلى سوق القات. نزلت وناولته الألف الجديدة. قال مافيش غيرها؟ مثلت له أننا مستغرب من كلامه. قلت: غيرها! هذه عادها جديد. قال: ما عاد تمشيش. قلت له: إيش تقول. قال: ما دريت بالقرار الجديد. قلت: لا، إيش هو؟ قال: خلاص جيبها وأنا بجزعها بطريقتي.
أخذها ثم رجع لي الباقي 800 ريال. ورقة أبو 500 جديدة وأبو 200 جديدة وأبو 100 جديدة. لعينة الجن. غالطته بورقة واحدة أبو ألف ريال جديدة، وهو غالطني بثلاث أوراق خوات الجديدة. ومكانك يا عمر حانب، قلت له: غيّرها من القديمة, قال: ليش؟ قلت: أنت قلت هذه ما حد يقبلها. قال: تمشي، وأنت صدقت أنها ما تقبل. شغل الموتور حقه، وقبل أن يغادر ضحك وقال: خلك مش داري بشيء، وفحط.
قرار البنك الأخير الذي يحذر الشعب من تداول العملة الجديدة التي طبعتها الشرعجية القذرة، الصدق قرار أعوج وربش الجميع. 
شاهدتم، عادهم ذكروا الآن. كنتم لو أنتم قدها كان القرار هذا بوقته. طيب على كيف أنزلوا هذا القرار يا مكرد. وإيش الأهداف التي سيحققها. مثلا بيحافظ على استقرار العملة القديمة والملصقة وما أكل السبع، أو بيتراجع الدولار إلى الخلف! 
ولا نعرف إيش المصلحة من وراء هذا القرار. وكان من الأجدر بكم أن توضحوا للناس إيجابيات القرار وسلبيات التداول بالعملة الجديدة للمواطن، عشان يبادر ويتفاعل مع قراركم هذا. 
فقط هم يعرفوا يصدروا قرارات، والباقي على الشعب. وهات يا دردحة نحن وأصحاب البقالات والمقاوتة وأصحاب الباصات والمحلات التجارية. واحد يقبلها وعشرة يرفضوا. ذلحين بالله عليكم نحن ناقصين الجري من بقالة إلى أخرى عشان نمرر الـ500 الجديدة وأخواتها ونشتري فيها واحد حليب ولا علبة فاصوليا!
هذه غلطة الشرعية، ويتحملها مسؤولو البنك المركزي في عدن ومسؤولو البنك هنا. وإلا كنتم حيدوا البنك عن الصراع من الأول بقدر المستطاع.
لا عاد تركضوا الشعب وتحملوه مشاكل الشرعجية العويصة التي تعانيها، وطباعتها العملة الجديدة إحداها.
يحنبوا بأي قضية إلا وجدلوا بها لفوق الشعب المحاصر والغلبان. والشعب يتخارح ولا عمر أبوه لا تخارج.
أشتي أسأل رئيس البنك المركزي الذي هنا: طيب بعد ما نحول العملة الجديدة إلى الريال الإلكتروني اللي فكرته ما دخلت العقل، وبعدين نجلس نلعب طير وفلس، طيب والذي معه مبلغ مليون ريال من العملة الجديدة وما معه غيرها، وهناك من لديه مبلغ أكبر، ثم قام يحوله إلى ريال إلكتروني، إيش بتصرفوا له مقابل حقه الزلط، مثلا سلة غذائية (طحين ورز وزيت وسكر) فقط؟ ما هذه تصرفها المنظمات مجاناً.
طيب وبقية الأشياء التي يحتاجها، يجلس ينتظر للريال الإلكتروني كرقم وحساب لما يهديه الله ويتحول ورق قديمة!
البنك دعا الجميع إلى عدم التعامل مع العملة الجديدة بكل فئاتها. طيب إيش البديل يا بنك؟
ورقة أبو 100 ريال وورقة أبو 50 ريالاً القديمات أصبحتا الآن شبه معدومتين، وما بقي منها فهن مدقدقات.
أمانة قد ورق أبو 100 ريال سع ورق التتن، وورقة أبو 250 ريالاً ملصقة سع فريم سيارة عبدالعزيز الزارقة الفوكس فاجن القديمة. 
الشعب بحاجة إلى فكة وإلى صرف وعددي. ما عاد باقي من الأوراق القديمة الصغيرة والعددي إلا القليل ولا تفي بالغرض.
وأنت يا مواطن اركب باص، وإذا معك ألف ريال ناولها السواق وهو بيحوش كيف يرد لك الباقي، لأنه مافيش معه صرف. أيوه بالأخير نمكنها أصحاب الباصات سامحك الله، وإنك ركبت بالألف مشوار واحد.
حتى الفلسات بدأت تختفي من السوق. فهمتوا وإلا مكنونا ريال إلكتروني.

أترك تعليقاً

التعليقات