محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
تستعد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال الأيام القليلة القادمة للتقاعد الطوعي عن السلطة والعمل السياسي عبر مغادرتها لمنصب المستشارية ورئاسة حزبها الديمقراطي المسيحي معا بعد 16 عاماً من الحكم الذي حققت من خلاله الكثير من الإنجازات المثمرة على صعيد بلادها وأوروبا والعالم أجمع.
من ناحية أخرى يجري نوع من الترتيبات ومن وراء الكواليس طبعاً في عاصمة ابن سلمان (الرياض) لجعل تقاعد وصيفتها (الأفندم عبد ربه منصور هادي) ضمن الشروط والاحتمالات المطروحة والمقترحة بقوة لتسوية الملفات العالقة بين مرتزقتها الكثر في الداخل الوطني، سواء تلك المتعلقة بالشق الجنوبي أم تلك المتصلة بالانقسامات العميقة التي تعتري مجمل المكونات المنضوية في إطار ما يسمى «الشرعية»، إلى حد أن الرياض قد سارعت بشكل فعلي ومبكر بشراء فيللا سكنية في العاصمة المصرية القاهرة مخصصة لإقامة عميلها (منتهي الصلاحية) الأفندم هادي في حال تقرر إقعاده وإزاحته من مشهد العمالة والارتزاق، حسب التوقعات.
السيدة ميركل أو «المرأة الحديدية»، كما يطلق عليها، ستغادر المشهدين السياسي والسلطوي مشيعة بحب وولاء وامتنان مواطنيها ومواطني قارة أوروبا بأسرها، وبثقل سياسي وشخصي واعتباري مستقبلي مستمد من شعبيتها الطاغية والتي تعدت سقف الـ80%، حسب الإحصاءات الأخيرة، بالإضافة إلى -وهذا هو الأهم- إرث راسخ وعميق من الإنجازات السياسية والاقتصادية الوطنية المحققة خلال حقبتها والتي حولت ألمانيا من «رجل أوروبا المريض» إلى أحد الاقتصادات الأقوى والأسرع نموا على مستوى العالم أجمع، بحيث فاق معدل دخل الفرد الألماني خلال حقبتها ضعف دخل الفرد في كل من المملكة المتحدة، وكندا، واليابان، وفرنسا.
وهي الإنجازات التي لا تقل أهمية بطبيعة الحال عما حققته هذه القائدة الجسورة على مسرحي الأحداث الأوروبي والعالمي وحتى الإنساني أيضاً والتي لا يتسع المجال هنا لسردها، وذلك مقارنة بالطريقة التي سيغادرنا بها الأفندم هادي إذا ما قرر أسياده ذلك، مشيعا ببغض ولعنات شعبه وازدراء أحرار العالم أجمع.
ففي مقابل نسبة الـ80٪ من الشعبية التي تحظى بها السيدة ميركل في بلادها، وبالتزامن أيضاً مع رحيلها على عكس ما هو معتاد سياسيا في المجتمعات الديمقراطية، فإن لدى الأفندم هادي أيضاً نسبته في هذا الشأن والتي تتعدى بقليل -ربما- أرقام السيدة ميركل من حيث مستوى المجاعة التي خلفها في حياة شعبه والتي باتت تهدد -وبفضل عمالته المجانية، وبحسب إحصاءات وكالات الأمم المتحدة- ما يربو على الـ85٪ من مواطنيه.
وفيما تسلم السيدة ميركل مقاليد الحكم لشعب بات بفضلها يتمتع بأعلى معايير الرفاهية المعيشية عالميا، فإن الرفاهية، والتي لم تكن موجودة أصلا من حيث مدلولها العملي في حياتنا، كانت هي أول المغادرين من حياة شعبنا وبلادنا منذ اللحظات الأولى لابتلائنا من قبل المشيئة بهذا الأفندم الأضحوكة عقب ما تسمى «ثورة 2011»، وبصورة سبقت حتى مبادرته بتقديم البيعة لسلمان ونجله.
وعموماً، وبما أن الرجال قوامون على النساء، بحسب المقولات النصوص والثقافة الشعبية السائدة في مجتمعاتنا، فإن تلك المقارنات جعلتني أتساءل بحيرة حول من هو الرجل في هذه المعادلة يا ترى، ميركل أم الأفندم هادي؟!
ماذا لو كان هادي امرأة؟! هل كان سيقودنا يا ترى بشكل أفضل ومشرف على غرار ميركل؟!
صحيح أن خصائص ومقومات الرجولة تكاد تكون منعدمة لديه كلياً، ليس فحسب لكونه مرتزقاً، والمرتزق في الأساس هو الشخص الذي يعمل في العادة بصورة منافية للقيم والأخلاق والمبادئ والروح الوطنية إجمالاً، وإنما بالنظر أيضاً إلى حال الخراب الذي آلت إليه بلادنا في عهده والتي تحولت بفضل عمالته المطلقة إلى أشبه ما تكون بداعرة متبرجة في حانة مكتظة بجنرالات الحرب المتشوقين للمتعة.
إلا وأنه وحتى في حالة ثبوت طغيان هرمونات الأنوثة في التكوين الجيني والبنيوي لدى أفندمنا هادي، وهذا ما أميل شخصياً إلى تصديقه بطبيعة الحال، فإن أي مقارنة بينه وبين «الأم ميركل» -كما يناديها الألمان- ستكون أشبه بمقارنة مبتذلة ما بين قائدة حقيقية (ميركل) اكتسبت بجدارة معايير الزعامة الدولية، وبين قوادة مرتهنة (هادي) في مواخير الرياض الليلية، الأمر الذي لن يعد فحسب خرقاً لقوانين الطبيعة وضرباً من الجنون، بقدر ما سيشكل سلوكاً شائناً ومعيباً في حق قائدة سياسية عملاقة ومقتدرة، بغض النظر عن وجود نوع من التشابه العيني وربما السلوكي أيضاً ما بين الآنستين (هادي وميركل)، مثل نعومة هادي المفرطة التي تميز إيماءاته وإيحاءاته الحركية وغمزاته المغلفة غالبا بنوع من الرقة أو الدلال الأنثوي، سموه كما شئتم، بالإضافة إلى ذلك البروز الملفت -والعياذ بالله- لمؤخرتي الاثنتين (هادينا وميركلهم)!!
في النهاية، ومهما كانت المحصلة، وبغض النظر عن كون الأفندم هادي رجلاً أم سيدة، كما كان يفترض به أن يكون، فإن من ثوابت الحياة والمشيئة أن الرجال عادة ما يسقطون وينهضون وتذوي ريحهم أحياناً مثل حنطة الشتاء، لكن الشيء الذي يظل حيا وراسخاً ومتأصلاً في الذاكرة الوطنية والإنسانية يتمثل في ذكرى أولئك الذين يرتبط نهوضهم وسقوطهم ومصيرهم بمدى حبهم وشغفهم وولائهم اللامتناهي لشعوبهم وأوطانهم، وهذا ما يفتقده هادي بالتأكيد.
وسواءً كان فحلاً أو سيدة أو مومساً في أحد مواخير الرياض الناشئة حديثاً على إيقاع الحداثة المستعجلة، فإن حظوظه مع التاريخ باتت معدومة بانعدام إرثه ووطنيته.

أترك تعليقاً

التعليقات