محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
حتى وإن بدا للبعض من خلال هيئته المسرحية كرجل دولة.. إلا أنه في الواقع ليس أكثـر من مجرد فاسد مترهل يجهد من خلال انحرافه للحصول على شهادة حسن سيرة وسلوك من جلاوزة الخونج، بالنظر إلى إفراطه في الابتهال والتسبيح الحصري بحمدهم وفضائل نعمهم وولائه اللامتناهي لجلاوزتهم وأمراء حروبهم العدوانية إلى حد مزجه الفعلي ما بين عبادة الرب وعبادة الخونج، وعلى حساب المحافظة وأبنائها ككل دون استثناء.
إنه في الإجمال النكبة المضافة لتعز وأبنائها إلى جانب نكبتهم التقليدية المتمثلة بورم السرطان الإخوانجي المتفشي في أبدانهم، من خلال حرصهم المريب على إبقاء هذا الموسوم زورا بالنبالة في سدة سلطتها المحلية والتنفيذية.
فتعز كانت بحاجة في الواقع وفي ظل ظروفها وعثراتها الراهنة إلى محارب حقيقي يتبوأ مقعدها الأول ويدير دفتها بحنكة واقتدار صوب تحقيق الحد الأدنى من الاستقرار والنمو المعيشي والتنموي ومكافحة الفساد والمحسوبية.. وتقليم أظافر المجموعات المليشياوية.. وليس إلى لص ومتفيد يعتلي مقعدها الأول بغية تجريدها من أبسط مقومات عيشها وتلاحمها الداخلي.. ويدنس تحت جنح الظلام شرفها وعفتها المنتهكة من قبل خونج الرذيلة بما يكفي لإذلالها للألف سنة القادمة.
تعز كانت بحاجة إلى أيقونة سلام حقيقي يخفف عنها عبء المرحلة الموبوءة بكل إفك وشرور ودنس المطاوعة وليس إلى تاجر مبادئ على شاكلة هذا الموسوم بشكل جائر بالنبالة (بالنظر إلى تسميته المنافية لطبيعته أصلا)، بحيث يتراءى لي أن والدته أطلقت عليه مسمى (نبيل) وسط ظلام حالك من حولها منعها من تبيان خطئها الفادح والمزدوج في الوقت ذاته (خطأ إنجابه وتسميته).
صحيح أن تعز، فتاة الحضارة ومنارة التنوير والحداثة الوطنية وموئل القادة والفلاسفة والمثقفين الثوريين والنقطة التي ارتكزت عليها وانطلقت منها أغلب الأحداث والتحولات الوطنية العظمى خلال القرن الماضي، منيت خلال العقد الأخير بانتكاسة حضارية مريعة وجبارة شابت إرثها وميراثها المدني والتقدمي محولة إياها من أمل وطني متقد بالخلاص من براثن القوى الماضيوية المتخلفة إلى مرتع خصب لأعداء الحضارة والتقدم والإنسانية.
فما بدا كأنه انقلاب أتاح لعصابة لاهوتية دينية متعصبة ومتخلفة (جماعة حزب الإصلاح) الاستحواذ اللصوصي على سلطة فبراير الشبابية عبر العزف على شعارات العاطفية الوطنية ومبادئ التقدم والحداثة.. إلخ، تحول إلى كابوس إخوانجي مريع لم يعد الفكاك منه ممكنا بالنسبة لتعز والتعزيين على السواء، بعد أن تحول هذا الكابوس إلى واقع معاش وراسخ بقوة بارود المطاوعة وجبروتهم المليشياوي والإخضاعي، الأمر الذي فقدت معه تعز، وكقاعدة تقدمية وكمنارة تاريخية للتنوير، ليس فحسب ألقها ونضارتها وإرثها الكفاحي وتقدميتها الفذة، وإنما حتى رجالاتها أيضا الذين تم استبدالهم بأشباه الرجال ممن باتوا اليوم يجثمون على أنفاسها وأنفاس قاطنيها باسم «الشرعية» الوطنية والدينية على شاكلة نبيل شمسان الشبيه إلى حد بعيد بفنان الروك الأمريكي المشاغب ومثلي الجنس (تومي لي)، والذي لم يتوان ومنذ لحظة اعتلائه المشؤومة لسدة حكمها الإداري والتنفيذي من التحول من رجل مغمور ومرتجف من أعاصير الأحداث الساخنة والملتهبة من حوله إلى أحد كارتلات الفيد والفساد الرئيسية في المحافظة بالنظر إلى مظاهر الإثراء غير المشروع الذي بات يكتنفه شخصيا وبقوة إلى الحد الذي دفعه إلى شراء عقارات متنوعة وبمئات الملايين في تخوم مديريته الثكلى (الشمايتين) وفي مناطق متفرقة من المحافظة.
فمن أعالي جبال القريشة التي أنشأ فيها فيلا عصرية ضخمة وحديثة وأكثر بذخا من الحاد المطاوعة ذاتهم إلى قريته المكلومة أيضاً في الطرف الغربي من مدينة التربة والتي ابتاع فيها تبة جبلية واسعة وعريضة يمكن أن تحوي مساكن عادية وبسيطة لآلاف الأسر المعدمة والمهمشة، وذلك بغية إنشاء مشروعات فندقية خاصة به على ما يبدو بالنظر إلى حمية الأشغال المحمومة في حوافها والمتمثلة بشق طريق خاص يربط التلة بالطريق العام تمهيدا لبناء مشروعاته الاستثمارية المزمع تنفيذها، فيما طريق التربة -تعز، الذي أنفقت عليه المليارات، لايزال وإلى جانب رداءته البنيوية والفساد الذي يشوبه، حيث لن يعمر من وجهة نظري أكثر من عام، يسير الهوينى وببطء شديد لا يمكن مقارنته بعجالة مشروعاته الاستثمارية الخاصة والمؤسسة أصلا من كدح وعرق أبناء المحافظة ومن ثرواتهم المنهوبة، بالنظر إلى معرفتي الشخصية التاريخية الوثيقة به، حيث بدأ حياته كطالب وكعامل بناء لدى مكتب المقاول ورجل الخير المرحوم عبدالله العزي الأصبحي، الذي لم يتوان آنذاك في التخفيف بكرمه وإنسانيته من عناء هذا الفتى الكادح (نبيل شمسان) حينما توسط له لدى نائب وزير الخدمة المدنية أوائل الثمانينيات لتوظيفه في الوزارة، وهو ما تم فعلا حينما تم استيعابه بدرجة مدير قسم أو إدارة (لم أعد أتذكر حرفيا) ضمن الهرم الوزاري بالنظر إلى سخاء الإكرامية المالية الهائلة التي منحها العزي رحمه الله لنائب الوزير آنذاك لهذا الغرض.
ومن يومها وبرعاية العزي تمكن من التدرج في الهرم الوظيفي بوزارة الخدمة المدنية وصولا إلى استفادته القصوى من أحداث «الربيع اليمني» ليصبح على ضوئها وزيرا للوزارة ذاتها في حكومة المخلوع باسندوة، حيث مارس مهامه كوزير من حصة الرئيس صالح، معتمرا في الوقت ذاته قلنسوة الإخوان، الأمر الذي أثار حنق العفاشيين عليه بدءا من الرئيس صالح ذاته، ولتتوالى بعدها الأحداث مستبقة قرارا تنظيميا كان واردا ومحتملا بشدة آنذاك من لجنة المؤتمر الدائمة الرئيسية، التي أنا عضو فيها، باستبعاده وزاريا وربما تنظيميا أيضاً جراء تنكره وانقلابه الواضح على أسياده وولاة نعمته الأوائل (صالح والمؤتمر الشعبي العام)، وهي الرغبة التي لمستها أنا شخصيا خلال آخر لقاء جمعني بالرئيس صالح (رحمه الله) في منتصف يناير العام 2015 في مقر اللجنة الدائمة الرئيسية بالعاصمة صنعاء.
إنه في الإجمال رجل تتبدل ولاءاته السياسية والحركية وقيمه الأخلاقية، إن وجدت، بحسب مصالحه الشخصية التي قد تدفعه حتى للتزاوج مع الشيطان ذاته، كما أنه رجل تخلو حياته وتجاربه العملية من كل الضوابط القيمية ومن الصواب أيضاً الذي يمكن قياسه حاليا من خلال تتبع مشواره الكارثي في قيادة المحافظة التي كرسها كليا لمنفعة حفنة ضئيلة من متفيدي وجلاوزة حزب الإصلاح الإخوانجي على حساب كل آمال وتطلعات المحافظة وأبنائها.. لدرجة أن أصحاب المعاملات والقضايا التي تتطلب تدخله أو توقيعه شخصيا باتوا، وبهدف الالتقاء به، يترقبون وجود احتفائية إخوانجية هنا أو حفل لتكريم أبناء بعض أمراء وجلاوزة حزب الإصلاح في مدرسة كذا، والتي يتصدرها في العادة -أي احتفائيات المطاوعة- فتاهم المدلل نبيل شمسان.. وما عدا ذلك فعلى الرعوي إما انتظار حظه حتى مولد احتفائية إخوانجية معينة أو الموت على وقع سياط الجلد اليومي لمجتمع بات رهينا بأمزجة نخبة وطبقة سياسية انتهازية مصممة على الدفاع عن امتيازاتها السلطوية والنفعية على حساب الوطن بأكمله الذي يبدأ وينتهي عند أقدامهم.

أترك تعليقاً

التعليقات