التعميد الروحي لأيلول بدماء الصماد والرهوي
- محمد القيرعي الأثنين , 8 سـبـتـمـبـر , 2025 الساعة 1:10:05 AM
- 0 تعليقات
محمد القيرعي / لا ميديا -
ضربت "إسرائيل"، كعادتها في الظهر، لتريق دماء كان نازفوها من التواقين أصلا للاستشهاد بالنظر إلى استعدادهم البديهي المسبق لبذل أرواحهم بسخاء وبطيب خاطر في سبيل قضية الحرية والكرامة الوطنية.
ضربت "إسرائيل"، فهلل مواليها الكثر في بلدنا وفي جوارنا العربي والإقليمي، لهذا "النصر المؤزر" الذي منت به المشيئة على ربيبتهم "أورشليم"، متوقعين المزيد من الإنجازات والمبادرات العدوانية بنمطها اليهودي الموغل في الغيلة والخسة والغدر، والتي تحمل من منظورهم الانبطاحي وخصوصا مرتزقة بلادنا الكثر، بشائر الظفر المرتقب ضد شعب وثورة أيلول 2014، على يد أسيادهم في اليانكي و"أورشليم".
مع أن "إسرائيل" لم تحقق في الواقع ومن خلال عدوانها الإجرامي الأخير ذاك ضد شعبنا وقياداته، أي منجز حربي حقيقي، عدا عن منح المزيد من المجد والوقار لتضحيات شعب احتل مكانته المستحقة بجدارة في خارطة الكفاح التحرري الأقدس والأسمى (بشقيه القومي والوطني) بصورة باتت تلهم، ومن خلال ملاحمها الأسطورية، العديد من شعوب العالم المقهورة والتواقة للانعتاق من براثن القهر والتسلط والاستبداد، فنحن شعب اعتاد على الاستزادة الدائمة في كفاحه من استلهام دماء ومآثر وتضحيات شهدائه.
ومثلما حفزنا استشهاد الرئيس صالح علي الصماد على اجتراح المستحيل، من خلال منحنا القدرة على ابتداع الباليستيات المعمدة بدمائه والمغلفة باسمه وتوجيهها الى عمق مدن وتجمعات الكيان، مقوضين ومزلزلين بذلك أمنه وسكينته وهالته الاستعلائية الزائفة بكونه "عدوا لا يقهر" من يافا إلى حيفا، وبئر السبع، وصولا إلى عاصمته الملتاعة "تل أبيب"، محققين بذلك، أي شعب الصماد، توازنا ردعيا انبعث من خضم آلامنا ومعاناتنا المتولدة من دماء وتضحيات شهدائنا ومن رحم الجور والعدوان والحصار المبني على أوهام القوة، فإن نتائج استشهاد الرهوي ورفاقه، لن تحيد هي الأخرى عن ذات المنحى التحفيزي الذي قد يبشر هذه المرة بمنظومة من الباليستية "الرهوية" قد تكون أشد بأسا ووبالا على العدو وكيانه الدخيل من سابقيه، من يدري؟!
في النهاية أقول لأولئك المهللين في الداخل الوطني لاستشهاد الرهوي ورفاقه، من ذوي العقليات الاحترابية بنمطها العشائري والاستقوائي الموروث، حتى وإن أجادوا ارتداء ربطة العنق (الكرافتة) أو صياغة بعض المفردات الخطابية بنمطها الحداثي، إن سقوط طوابير الشهداء تباعا هو أمر صحي وبديهي للغاية رغم مرارته التي لا يمكن إنكارها، لأنه يشكل نوعا من التعميد الروحي لروح أيلول 2014 الصامدة في وجه كل أعاصير الردة والتآمر البربري في الداخل والخارج، لأنها وكفعل ثوري طني نجحت بالفعل وخلال سنيها العصيبة في تخطي أسوار وحواجز عقلياتهم المريضة والعفنة المحكومة بالتعصب والشوفونية الماضيوية.
فـ"معضلة الحوثي"، كما يصنفونها في أطروحاتهم برديفها المتمثل في أيلول 2014، ما كان يمكن لها أن تنشأ في الأساس لو كان توافر لديهم حس استيعابهم على أساس تكافؤ وطني، مثلما هي القضية الجنوبية أيضا، والتي ما كان يمكن لها أن تبلغ ذلك البعد الانفصالي المتطرف لو كانت ذات الرغبة المتقدمة لتعايش سلمي مشترك ومتكافئ قد سادت في عقلياتهم الاستحواذية والمريضة، عوضا عن لغة بنادق الحرب والإقصاء التي نشبت صيف 1994.
والقصة ذاتها تنطبق على قضية صعدة، لو كان أمثالهم من صناع القرار آنذاك اقتنعوا بفكرة أن ندع الناس كل فئة وطائفة تعبد الرب بطريقتها ووفق معتقداتها اللاهوتية والمذهبية، فيما نلتقي معهم تحت سقف المواطنة الواحدة والمتكافئة، لكنا تجنبنا دوامة ست جولات سابقة من الصراع الدموي، وتفرغنا لبناء الوطن عوضا عن تدميره اليوم من خلال المؤامرات الدنيئة ومن المجون الانبطاحي المتمثل باستجلاب أساطيل وبوارج القوى الاستعمارية الخارجية الذي بلغ حد التآخي العلني والمفتوح مع "أورشليم"، التي طغى أنينها خلال العام المنصرم على الأقل بصورة مفضوحة وللمرة الأولى في تاريخها الوجودي على وقع الصليات الباليستية "الحوثية" التي تنذر بالكثير مع قادم الأيام.
المجد كل المجد للصماد والرهوي وأمثالهما الذين منحوا شعبنا الإلهام الكافي لاكتساب القدرة على الصمود والمواجهة.
المصدر محمد القيرعي
زيارة جميع مقالات: محمد القيرعي