محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
قد لا يكونون عملاء ومتعاونين مع العدو بشكل رسمي وصريح؛ لكنهم ومن خلال أفعالهم الشاذة والدنيئة يعدون خطرا أكيدا وأكثر سوءا وضررا على الثورة والبلاد من نشاط أعداء الثورة من طوابير العملاء والمخربين الرسميين والكثر في الداخل الوطني والثوري.
والمقصود هنا ليس فقط أولئك الذين أقدموا الأسبوع الماضي على تفجير منازل بعض المواطنين في حارة الحفرة بمدينة رداع، في فعل إجرامي أسفر عنه سقوط عشرات الضحايا ما بين قتيل وجريح، جلهم من النساء والأطفال، مقدمين بذلك للعدو الفرصة والذريعة المناسبتين لشن حملة إعلامية مسعورة للنيل من ثبات ومصداقية العملية الثورية، عبر محاولتهم إظهارها بمظهر الأداة الإجرامية، رغم مسارعة قياداتها العليا، وعلى رأسهم سماحة القائد الأعلى للثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، إلى إدانة هذا الفعل الإجرامي والتوجيه بضبط وإحالة مرتكبيه وجميع المتورطين فيه للعدالة والمساءلة القانونية، كونه جرما مرتكبا في الأساس بدوافع ونوازع فردية ومزاجية بحتة، وخارج سياق العملية الثورية ذاتها، التي تضررت هي الأخرى بشدة من الناحية الدعائية والمعنوية على الأقل، بالنظر إلى ضراوة الحملات الإعلامية الموجهة ضدها من قبل أعدائها في الداخل والخارج، وكأنه كان ينقصنا مثل هذا الفعل الشاذ والمنافي تماما لقيمنا وتوجهاتنا الثورية لمنح العدو الفرصة التي كان ينتظرها لطعننا في الظهر عبر تباكيه المسرحي على من وصفهم بالضحايا من أوساط الشعب المكبل بحسب زعمهم في براثن الطغيان الحوثي.
مع أنه ومن الناحية المنطقية والموضوعية فإن ما حدث في حارة الحفرة بمدينة رداع لا يمكن مقارنته البتة بالأفعال الإجرامية المرتكبة بصفة شبه يومية في المدن والمناطق والمحافظات المحتلة والمحكومة من قبل أعوان وعملاء العدوان، على غرار ما حدث لأسرة آل الحرق بمدينة تعز على سبيل المثال، وما يطال عشرات الأسر غيرها، حيث أمن الناس وحقوقهم وأعراضهم وممتلكاتهم وسلامهم الاجتماعي بات مصادرا وبصورة مشاعية في قبضة أمراء الحرب والمليشيات المبندقة والمسنودة في مشاريعها وتوجهاتها الإجرامية المفتوحة كما هو معلوم من قبل المجتمع الدولي أيضا.
والأمر الأهم الذي لا يمكن مقارنته أيضا في هذا الصدد يكمن في أن مرتكبي فعل رداع باتوا الآن في مجملهم، وبغض النظر عن مراكزهم الحركية ومناصبهم الأمنية، في قبضة العدالة، خلافا لأمثالهم في مناطق المرتزقة والذين يحظون عادة بالحماية الرسمية العلنية والمطلقة، وعيني عينك.
وعموما، يمكن القول إن أمثال أبو حسين العربجي، المسؤول الأول عن جريمة تفجير منازل حي الحفرة برداع، موجودون بكثرة ومتغلغلون في مختلف هيئات الدولة ومفاصل العملية الثورية برمتها، وهؤلاء واقعون أساسا تحت إغواء أوهام القوة والغطرسة والشعور الذاتي أو الشللي بأنهم فوق القانون وبمنأى فعلي عن يد العدالة والمساءلة، وبأن الثورة (كأداة) مملوكة بشكل احتكاري لهم دون غيرهم.
وهذه أشياء أو مسائل تتطلب في الحقيقة من قيادة الثورة، ومن الجهات المختصة، ومن أجل السعي لإبطال فاعليتها على الصعيد العملي، المبادرة أولا بفهم مثل تلك الانحرافات الثورية، ليس فقط عبر الاقتصار فقط على سرد أحداثها وتشوهاتها، وإنما عبر التحليل الموضوعي لفهم أسباب نشوئها أصلا، لأن استمرارها كظاهرة هدامة في مسار العملية الثورية سيكون له آثاره وتداعياته على المدى المستقبلي، وسيتعين على الثورة إزاءها في مراحل ومنعطفات معينة من تاريخ الثورة المبادرة القسرية بتقديم إجابات شافية للقوى الاجتماعية في المجتمعات المحلية عن المغزى الحقيقي من وراء كل التضحيات السخية التي قدموها ويقدمونها باستمرار في سبيل دعم الثورة وصونها.
* الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن - رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات