محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
في الساعات الأولى من صبيحة يوم عيد الفطر المبارك، كان أول اتصال هاتفي يردني للتهنئة بالعيد مصدره صديقي ورفيق دربي المجاهد العظيم منير زوى القباطي (أبو عبدالملك) قائد "الكتيبة الثانية" في اللواء 157 مشاة -محور حيفان جبهة الأعبوس (مع إحدى مجموعاته القتالية) - فصيل الدفاع الجوي- بمعية قائد الفصيل النقيب مراد البدوي (أبو عاصم)، وهو بالمناسبة من أحفاد بلال، بالإضافة إلى النقيب/ نور الدين علي ثابت القباطي (أبو كيان) وغيرهم من بواسل الجيش واللجان الشعبية المرابطين في جبهة الأعبوس ممن قرنوا تهنئتهم العيدية تلك لي بالصرخة التي زلزلت ولا تزال تزلزل حتى اللحظة كيان الغاصبين والمعتدين، مؤثرين وللعيد الرابع عشر، أو الخامس عشر على التوالي منذ بداية العدوان على قضاء أفراحهم ولحظاتهم العيدية وهم مصبوغون بروائح العرق الجبهوي المتقطر من أبدانهم الطاهرة وروائح البارود الذي يتوسدونه ليل نهار، عوضا عن روائح العطر المنزلي، وباروكات الشعر المستعارة والمسربلة وبناطيل الجنز الضيقة والمشرمة... مقدمين بذلك أسمى وأنصع صور الصمود والبسالة الوطنية والثورية.
فالعدوان، الذي حوّل أعيادنا وحياتنا إلى صقيع بارد أباد من خلاله أنسنا وغبطتنا وزهورنا الربيعية كشعب وكأمة حرة، لم يتبادر يوما على ما يبدو إلى أذهان جلاوزته أن عنجهيتهم تلك ستتقزم وتتحطم تماماً عند أقدام هؤلاء الفتية الصامدين من بواسل الجيش واللجان الشعبية الذين صنعوا من بأسهم وثباتهم إعصارا مدمرا يجتث دون هوادة جليد الرجعية والعدوان، في واحدة من صور الصمود والمقاومة الثورية المستحيلة التي أذهلت العالم فعلا، وباتت أحداثها وملاحمها البطولية نصب أعين العديد من خبراء الحرب في العالم لتحليل واستخلاص العبر والدروس التكتيكية المستقاة من تجربتنا الوطنية الذاتية.
فكل لحظة، وكل ساعة، وكل يوم إضافي يقضيه هؤلاء المرابطون في ثكنات العزة والصمود، يعد بمثابة إثبات إضافي على أن ثورتنا (ثورة الواحد والعشرين من أيلول 2014 الظافرة) لن تشيخ البتة، لأنها تمتلك نفسا طويلا وعميقا، وأفقا لا متناهيا، بوصفها ثورة حقيقية وليست ظاهرة وقتية، وذلك إذا ما قورنت حقا بباقي العمليات والتحولات الثورية التي شهدتها بلادنا خلال العقود السبعة الفائتة (ثورتي سبتمبر وأكتوبر على سبيل المثال) بما جابهته من مخاطر وتحديات كان لها الأثر الأكبر في تعطيل مساراتها الثورية ووأدها في المهد، رغم أنها تعد حقا بمثابة لعب أطفال إذا ما قورنت بحجم المخاطر والتحديات التي جابهت ولا تزال تجابه حتى اللحظة ثورتنا الأبية والصامدة فقط وحتى اللحظة بصمود هؤلاء الشباب والمجاهدين المرابطين في مختلف ثكنات العزة والشرف والمقاومة وبتضحيات من سبقوهم من الشهداء والقديسين الذين نالوا حظهم من المجد والذكرى الراسخة والمترسخة عميقا بامتياز في صميم هويتنا وذاكرتنا الوطنية والشعبية الجمعية.
خلاصة القول هي أن تلك المبادرة العيدية الملهمة الممنوحة بسخاء الفاتحين الحقيقيين من قبل الرفيق المجاهد منير زوى ومجموعته القتالية آنفة الذكر صبيحة يوم العيد حيال أحد المنفيين الثوريين على شاكلتي، جعلتني على يقين تام بأن كل ما يمكن لمجموعة قتالية ثورية أن تقدمه من بأس وشجاعة واتساق ومثالية وبعد نظر ثوري، في لحظة تاريخية مفصلية، قدمه هؤلاء المرابطون (منير زوى ومجموعته الباسلة) الذين قدموا بذلك النموذج الأرقى والأسمى لماهية المقاتل الثوري الفخور الذي يدرك بجلاء الفارق الحقيقي ما بين صرخة الحرية وعباءة الأوهام الرخيصة والمبتذلة والوضعية.
وفي مقابل تهنئتهم لي ولأقراني المهمشين، وبصفتي عقائدياً ماركسياً ومبشراً ثورياً بعلم الاجتماع السياسي والاقتصادي، فليس لدي ما أقوله لهم سوى الوعد بالصلاة والابتهال خفية وعـــلانية بالنصـــر المأمـــول والمؤزر.

أترك تعليقاً

التعليقات