محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
ما يربو على ستة آلاف عقوبة دولية طالت كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والمعيشية اليومية للشعب الروسي، من الصناعة والطاقة إلى نظم الحركة المصرفية وحرية الحركة الملاحية البرية والبحرية والجوية إلى سبل المعيشة اليومية إلى الثقافة والرياضة وصولاً إلى الصناعات الفضائية.
كما تقدمت حتى الآن حوالى 141 دولة حول العالم بدعاوى جنائية ضد روسيا لدى محكمة العدل الدولية بتهم تتعلق بمزاعم ارتكاب قواتها جرائم حرب ضد المدنيين الأوكران على خلفية الجثث المكتشفة قبل أسبوعين في مدينة بوتشا الأوكرانية عقب انسحاب القوات الروسية منها.
عدد الجثث المكتشفة في مدينة بوتشا، والتي تحرك العالم بأسره على ضوئها، ربما لا يوازي في مجمله ما نسبته 10% من عدد جثث ضحايا القصف “الإسرائيلي” على مدينة غزة الفلسطينية إبان معركة “سيف القدس” الأخيرة. كما أنها بالكاد تبلغ ما مجموعه نصف عدد الجثث الممزقة لضحايا القصف السعودي ـ الإماراتي على سجن صعدة الاحتياطي في كانون الثاني/ يناير الفائت.
واللافت هنا يكمن في أن الجريمة التي تحرك العالم بأسره على ضوئها لإدانة “روسيا بوتين” وتجريمها ومعاقبتها لم تكن فعلاً مرئياً أو مشهوداً على الإطلاق، أي أن أحداً لم يشاهد الجنود الروس وهم ينفذونها ضد المدنيين الأوكران، على عكس الجريمتين الجماعيتين المشار إليهما كمثال فقط في كلٍّ من غزة وصعدة، والمرتكبتين جهاراً نهاراً وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع، بحيث لم تحظيا من قبل العم أنطونيو غوتيريش سوى بعبارة: “عمل غير مقبول”!
وفيما تداعت أوروبا بأكملها، شعوباً وحكومات ومنظمات، لإسناد اللاجئين الأوكرانيين وإمدادهم بمختلف سبل الدعم المادي والسياسي والإغاثي والمعنوي في سياق سعيهم المحموم لإبراز وحشية بوتين وبربرية جيشه الغازي، كانت المفوضية الأوروبية، التي تعامت بصورة متعمدة خلال الأعوام السبعة الفائتة عن رؤية الوجه المأساوي البشع لأسوأ كوارث القتل والعوز والعون والنزوح والدمار الذي حاق بشعبنا جراء العدوان غير المبرر أصلاً، تتفنن من جهتها الأسبوع الفائت في إذلال الفلسطينيين بالتوازي مع تصاعد الوحشية والهمجية الصهيونية الممنهجة ضد فلسطينيي القدس والضفة الغربية وجنين والمقدسات الدينية عموماً، من خلال اشتراطها على السلطة الفلسطينية بأن استئناف ضخ مساعداتها المالية مرهون بخطوتين يتعين على سلطة “أبو مازن” اتخاذهما، الأولى: موقف فلسطيني رسمي مندد بـ”الغزو الروسي” لأوكرانيا، فيما يتمثل الشرط الأوروبي الآخر بوقف السلطة صرف مساعداتها المالية الممنوحة لعائلات الأسرى والشهداء الفلسطينيين الذين لا يرتقون بالطبع إلى مستوى المعايير الآدمية المتبعة من قبل الأمريكان والغرب.
هذا مرده بطبيعة الحال إلى امتعاض اليانكي، والأوروبيين عموماً، من تنامي النفوذ والقوة الروسيتين على صعيد المشهد الدولي، الأمر الذي يتعين إزاءه العمل على تقزيم روسيا وإضعافها بمختلف السبل المتاحة، حتى ولو كان ضحايا الهجمات الروسية في هذه الحالة مجموعة من القطط والفيلة وقرود البابون البرية في حدائق حيوانات كييف ومدن أوكرانيا الأخرى، وذلك خلافاً لما هو عليه حال كل من “الشقيقة أورشليم” بوصفها مدللة أمريكا والغرب منذ نشأتها والمحظيات الخليجية بوصفهن تابعات أمينات لسياسات وتوجهات رعاة البقر الأمريكيين، الأمر الذي جعل ويجعل جرائمهما المرتكبة تلك بحق شعبنا اليمني علامة امتياز حضاري في معركة الدفاع المقدس عن العروبة والإسلام!

الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات