محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
في ختام جولة ديكتاتور الرياض الفتي محمد بن سلمان في نطاقه الخليجي، والتي اختتمت يوم الجمعة الفائت 5 كانون الأول/ ديسمبر الجاري في دولة الكويت، صدر بيان سعودي - كويتي مشترك تضمن توافق طرفيه، حسب ما قيل، على ضرورة إيجاد حل شامل للأزمة اليمنية على أساس المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ما يعني العودة وفق ذهنية ابن سلمان بالأزمة الوطنية إلى مربعها الأول وإلى نقطة الصفر، إن جاز التعبير!!
ألم يدرك بعد مهرجو الخليج هؤلاء أن سبب كل البلاوي في بلادنا وأزماتها الطاحنة والمتلاحقة خلال العقد المنصرم تحديداً كان مبعثه الأساس مبادرتهم الخليجية التي هُدف من ورائها إلى تجريدنا كشعب وكأمة من أبسط شروط ومقومات أمننا واستقلالنا القومي وهويتنا الوطنية، وإبقائنا قيد الطاعة والتبعية الخليجية - الأمريكية إلى ما شاء الله، وأن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني -المفصلة على مقاس دشداشات الخليج وربطة عنق الموفد الأممي آنذاك جمال بن عمر- كانت هي المقدمة الأولى لنشوء حالة الفوضى والانقسام الوطني المحتدم، والسبب الرئيس وراء بعث كل النزعات المناطقية والقومية والطائفية المتطرفة والآخذة في التصاعد شمالاً وجنوباً بدرجة يستحيل معها إعادة اللحمة والانسجام الوطني على مدى زمني طويل.
والأمر الأهم من كل ذلك هو متى سيدرك أباطرة الرياض وأبوظبي تحديداً أن كل طلقة أطلقوها وكل قذيفة صوبوها وكل روح أزهقوها خلال عدوانهم البربري على شعبنا وبلادنا تبعدهم أكثر وأكثر عن السلام الذي ينشدونه وفق تصوراتهم الاستعلائية، لأنه، وخلف كل هذا القتل والدمار والخراب الذي خلفوه في حياتنا، يبرز عنوان واحد وعريض فقط، هو الكراهية التي لا يمكن أن تنتهي إلا بالثأر، فنحن شعب نشأ وتربى وتوارث أبجديات الثأر، فلا توجد أسرة أو عائلة لم تفقد عزيزاً لها أو أكثر.
عموماً، وبغض النظر عن فحوى البيان السعودي - الكويتي آنف الذكر، والذي لا ينفصل من حيث مضمونه عن طبيعة الأسباب والدوافع الرئيسية الكامنة وراء جولة ابن سلمان الخليجية التي استبقت انعقاد القمة الخليجية ال-42 المقرر عقدها منتصف كانون الأول/ ديسمبر الجاري في الرياض، والمتزامنة في الوقت ذاته مع حراك دبلوماسي تنسيقي مصري - خليجي محموم على مستوى وزراء الخارجية، والمتمثلة إلى جانب سعيه الملحوظ لإشراك حلفائه في منطقة الخليج بمأزقه اليمني، عبر محاولته -غير الموفقة بالتأكيد- إعادة إحياء الحل الجمعي الخليجي للأزمة اليمنية، في مؤشر واضح وأكيد إلى فشل المشروع الثنائي الإخضاعي الذي انتهجه مع الإمارات.
أما السبب الآخر والأبرز فيكمن ربما - إن جاز التعبير – في مساعي ديكتاتور الرياض الحثيثة والمتأخرة نوعاً ما لإيجاد دور مستقبلي مأمول له ولنظامه في تقرير اتجاهات السياسة العامة للخليج والمنطقة العربية على وجه الخصوص، والتي تمر بجملة من التحولات العاصفة، لعل أبرزها وأخطرها من وجهة نظر النظام السعودي تعاظم النفوذ الإقليمي الإيراني الآخذ في الاتساع مع تنامي محور المقاومة، وهو الدور الذي عجز ابن سلمان عن اكتسابه عبر البلطجة والمغامرات العسكرية التي كان من نتائجها المباشرة تقزيم دور ونفوذ مملكته الشاسعة إذا ما قورن بمدى تعاظم التأثير الدولي والإقليمي الذي باتت تتمتع به دول صغيرة محاذية على غرار قطر التي باتت ذات أهمية قصوى في منطقة الخليج و»الشرق الأوسط» عموماً للعديد من دول وعمالقة العالم من أوروبا إلى أمريكا وآسيا وحتى أفريقيا، قياساً بمظاهر الغياب شبه الكلي الذي بات يكتنف مواقف الرياض وسياستها المتعثرة على وجه العموم.
الأمر المثير للسخف والسخرية يكمن في عجز ابن سلمان عن فهم الفروق والاختلافات الجوهرية فيما يخص مفاهيمه «الاستراتيجية» للتعامل مع المعضلة اليمنية من ناحية أولى، ولتنفيذ أجندة أسياده في واشنطن «وتل أبيب» لمقاومة التمدد والخطر الإيراني المزعوم، من ناحية ثانية.
من الناحية الأولى، فإن مساعيه الرامية لإعادة إحياء المبادرة الخليجية للخروج من ورطته الشائكة في بلادنا، تعد مؤشراً حياً وأكيداً إلى أن معركة التحرير والكرامة الوطنية التي تقودها صنعاء تسير في اتجاهها الصحيح صوب الظفر الوطني الكامل والنهائي على مشروع العدوان، وهو ما بات قابلاً للتحقق وفق المعطيات السياسية والعسكرية الراهنة.
والوضع ذاته ينطبق أيضاً على وضع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلى كامل محور المقاومة، الذي بات يمثل اليوم تهديداً فعلياً ووجودياً لأعداء الأمة التقليديين (اليانكي وأورشليم) ولأذنابهم من معتمري الدشداشات وأعوانهم من نافخي أبواق العمالة والتبعية والارتهان. ومن لديه شك في ذلك فما عليه سوى الإمعان بهزائم «إسرائيل» وأمريكا المتلاحقة خلال الأعوام القليلة الفائتة على أيدي أشاوس المقاومة.

أترك تعليقاً

التعليقات