محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
من بين كل دول العالم كانت مملكة البحرين السباقة، ربما، في إدراك الأهمية الروحية والدينية بطابعها الأخوي والتطبيعي لعيد الفصح اليهودي، حينما بادر ولي عهدها “الميمون”، ليل الأربعاء الفائت وفي ثالث أيام هذا العيد المشؤوم، بتهنئة “العم ليبيد بينيت” وشعبه اليهودي “الشقيق” عموماً بعيدهم المجيد، في الوقت الذي كانت تتوالى فيه تنديدات العرب والعجم من شتى أنحاء العالم لإدانة دعاته ومنظميه الذين استباحوا -على إيقاع بهجتهم العيدية تلك- دماء وأرواح وأعراض وكرامة الفلسطينيين ومقدساتنا الإسلامية بصورة غير مسبوقة وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع، باستثناء طبول التطبيع الجدد في المنامة وأبوظبي، الذين اعتقدوا، ربما، أن تزامن الأعياد اليهودية مع خواتم صومنا وأعيادنا الدينية هو مؤشر إلهي إلى أخوية الشعبين اليهودي والخليجي، التي يجب أن تنصب بحسب المشيئة لمواجهة الخوارج والمعتزلة والروافض أينما وجدوا، وعلى رأسهم روافض التطبيع.
وهو الحافز الروحاني، ربما، الذي حفز مهرجي أبوظبي، وفي سياق “كرمهم وتسامحهم العروبي” المعهود، للمبادرة بإنشاء الحي اليهودي خاصتهم وسط أبوظبي، ليس على شاكلة الكيبوتات العزلية التي أنشأها السيد أدولف هتلر قبل سبعة عقود ونيف لاحتواء يهود بولندا وأوروبا كما قد يتصور البعض، بل على العكس من ذلك تماماً؛ إذ إن هذا الحي الجاري إنشاؤه بأحدث المواصفات الهندسية العصرية بمبانيه ومعابده اليهودية ونجماته السداسية مكرس في الأساس لتعزيز الإرث والروابط اللاهوتية بين أتباع الديانة اليهودية كافة، الظاهرين منهم كـ”شعب أورشليم”، أو يهود الدونمة المبطنين بالعباءة الإسلامية والذين عاشوا قرونا بين ظهرانينا في صحارى ودويلات الخليج الغارقة في الحضيض حتى أذنيها.
وهذا ليس توقعاً، بل إفشاء للأحداث كما يقول السيد بول هايمن، المستشار الرياضي للمصارع الأمريكي رومان رينز. ففي الوقت الذي تنزف فيه، وعلى امتداد النصف الأخير والأقدس من شهر رمضان الفضيل، فلسطين والأقصى وأهلها رجالا ونساء وشيوخا وأطفالا بنيران الجيش والمستوطنين “الإسرائيليين”، فإن مئات المليارات من الدولارات الإماراتية والبحرينية تستنزف بانتظام وبصورة علنية منذ “اتفاقية إبراهام” التطبيعية لدعم خزينة “العم بينيت” وبأشكال وتسميات عدة، منها ما هو مخصص لشراء الأندية الكروية الصهيونية ومنها ما هو مخصص للمشاريع الاستثمارية المشتركة ومنها ما هو مخصص لدعم التعاون الأمني والعسكري والاستخباراتي المحموم بين الكيان ومحظياته الجدد في الخليج؛ لكنها مكرسة في الإجمال لدعم صمود وتطلعات ووجود “شعب الله المختار” في أرضه الموعودة من الرب في وجه البربرية الفلسطينية، خصوصاً وأن مثل هذا الدعم والإسناد السخي للأعمام الجدد ليس وليد “صفقة إبراهام” الانبطاحية بقدر ما هو قديم قدم وجود الدويلات الخليجية ذاتها، ومن لا يصدق عليه العودة لما صرح به العام 2006 وعقب عدوان تموز/ يوليو الصهيوني على لبنان، السيد بوول وولوفيتز، نائب وزير الدفاع الأمريكي الراحل دونالد رامسفيلد، في محاضرة ألقاها آنذاك أمام معهد العلاقات الأمريكية - “الإسرائيلية” المسمى “أيباك”، والتي أشار فيها بوضوح إلى أن كلا من السعودية والإمارات قدمتا للخزينة “الإسرائيلية” دعما ماليا سخيا فاق نصف تكاليف حربها العدوانية المسعورة تلك على لبنان، بهدف تمكينها من القضاء كليا على مقاومة حزب الله أو إضعافه على الأقل بدرجة كان من شأنها إفساح المجال لـ”اتفاقية إبراهام” أن تولد بصورة أبكر وأوسع مما هي عليه الآن، لولا أن المشيئة وصمود المقاومين في لبنان وفلسطين كانت لهم بالمرصاد.

الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات