محمد القيرعي

محمد القيرعي / لا ميديا -
في الأسبوع الفائت أقدمت المملكة المتحدة (بريطانيا)، وبذريعة مكافحة الإرهاب والتهريب بحسب زعمها، على تعزيز وجودها العسكري والاستخباراتي في مطار الغيضة بمحافظة المهرة السليبة.
وبالطبع، فإن هذا الهدف البريطاني «النبيل» هو ذاته المحفز في الوقت ذاته للتواجد العسكري والاستخباراتي الكثيف في المحافظة عينها لكلٍّ من إمبراطورية اليانكي (أمريكا) ومملكة الرذيلة (مملكة بني سعود).
كما أنه لا ينفصل بطبيعة الحال عن الهدف «الإنساني الأسمى» ذاته الذي يحكم الوجود العسكري والاستخباري لكلٍّ من أبوظبي وشقيقتها «أورشليم» في كلٍّ من أرخبيل سقطرى وجزر ميون وأرخبيل حنيش، بالإضافة إلى محافظة عدن البائسة والمكلومة بأبنائها.
الجميع حريصون على تجنيب شعبنا اليمني ويلات «الإرهاب» ومساوئ «التهريب» الذي يضر -دون شك- ويقوض اقتصاده المتين.
ولا جدال هنا في أن الاهتمام الصهيو - أمريكي - بريطاني - سعودي - إماراتي بمكافحة الإرهاب والتصدي لمعضلة التهريب (المقصود تهريب الأسلحة)، وخصوصاً في نطاقي المهرة وأرخبيل سقطرى، بدأ بوقت مبكر مع بداية الحرب العدوانية ذاتها، من باب الحرص والحفاظ -كما يشاع- على أمن وسلامة شعبنا وبلادنا، كون أسلحة المهربين الزنادقة هي التي تدك وتقصف في الأساس من البر والبحر والجو منذ سبع سنوات ونصف تقريباً مدننا ومدنيينا ومدارسنا ورياض أطفالنا ومستشفياتنا وأسواقنا الشعبية وأعراسنا ومآتمنا ومنشآتنا الخدمية والإنتاجية... إلخ.
إلا أن الملفت كثيراً في هذا الأمر يكمن في أن هذا التمدد الأمني والعسكري الاستعماري للقوى المذكورة أخذ يسير حثيثاً منذ تشكيل ما يسمى «مجلس رشاد العليمي الرئاسي» في نيسان/ أبريل الفائت، ولأسباب عدة ومتنوعة بالطبع؛ أولها أنه وبعد سبع سنوات ونصف من الصمود والاستبسال المقاوم الذي أبداه شعبنا اليمني وثورته الفتية في 21 أيلول/ سبتمبر 2014 في مقارعة ومقاومة الغزو والعدوان والهيمنة، تهاوت آمال هذا الحلف العدواني الاستعماري البغيض في تطويع الشعب اليمني بكامل أرضه وفئاته وجغرافيته، الأمر الذي حدا بهم إلى الاتجاه صوب التجزئة، تجزئة الشعب والبلد، ثم السيطرة على مفاصله الحيوية المهمة، كما هو حاصل اليوم في نطاق أرخبيل سقطرى ومحافظة المهرة وغيرها من مناطق الحزام الجنوبي المحتل.
أما الهدف الثاني فيكمن في تمكين مرتزقة العدوان من بسط نفوذهم وسيطرتهم المطلقة على الأرض، للدفع بالمشروع الانفصالي قُدماً، خصوصاً إذا وضعنا بعين الاعتبار حجم الجهود والموارد السعودية الجبارة والمبذولة على صعيد محافظة المهرة منذ بدأ وجودها العسكري الفعلي هناك منتصف العام 2017، والمتمثل بإنشائها عشرات المعسكرات ومراكز التدريب الحربي المنتشرة في أغلب مناطق المحافظة، بالتزامن مع قيامها خلال الفترة ذاتها بشراء ولاءات العديد من أعيان المحافظة، وتجنيد عشرات الآلاف من أبنائها الذين يخدمون تحت إمرة وإشراف القوات والضباط السعوديين، في سياق سعيها لتحقيق مطامعها التاريخية المتمثلة بإلحاق المحافظة ضمن جغرافيتها وبما يتيح لها الوصول إلى بحر العرب لتصدير نفطها بمعزل عن مضيق هرمز المسيطر عليه من قبل إيران، وهي الخطوات المتوازية بطبيعة الحال مع ما تبذله الإمارات في هذا الصدد في نطاق أرخبيل سقطرى ومحافظات الجنوب الشرقي على غرار عدن ولحج.
ويتمثل الهدف الثالث في مساعي تحالف العدوان وأسياده الصهيو-غربيين في تقزيم -وربما إنهاء- الوجود السياسي والحركي والعسكري الكلي لأول وأبرز أبواقهم الداعية والمهللة منذ البداية لمجيئهم وتدخلهم العسكري والإخضاعي في بلادنا، والمقصود هنا حزب الخونج وحلفاؤه، والذي تحول في الفترة الأخيرة في نظر أسياده إلى هدف استئصالي مشبوه، لانتهاء صلاحيته في رسم وشرعنة مشاريع الهيمنة الإخضاعية الأجنبية على بلادنا.
في النهاية، جميعهم -مرتزقة ومحتلين- يدركون أنه لم يتبقَّ لشعبنا اليمني أصلاً ما يتفيدونه منه، على ضوء نتائج عدوانهم البربري الشائن، فنحن بتنا عوائل بلا منازل، وأطفال بلا آباء، وأمهات ثكالى، ومرضى يتساقطون كأوراق الحنطة في الشتاء، بفعل الحصار ونقص الأدوية، باستثناء حفاري القبور الذين أتخمتهم وفرة المعيشة اليومية المتوفرة لهم جراء جرائم العدوان المتشعبة. لكن ما لا يدركونه حقاً هو أنه في وسط كل هذا الخراب والمآسي التي خلفوها في حياتنا يكمن صمودنا واستبسالنا كشعب.

 الرئيس التنفيذي لحركة الدفاع عن الأحرار السود في اليمن ـ رئيس قطاع الحقوق والحريات في الاتحاد الوطني للفئات المهمشة في اليمن.

أترك تعليقاً

التعليقات