هوتولوكوست!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
نغص اليهود عيش العالم ومايزالون، بدعوى ما تسمى «محرقة اليهود» أو «هولوكوست» في الحرب العالمية الثانية (1939-1945م). لكن العالم نفسه الذي يدين بالأسى الإلزامي والأسف الإجباري، بل التعويض المالي عن هذه «المحرقة»؛ يتعامى عن هولوكوست العصر (2015-2022م) المستمرة بهذا العدوان الغاشم على اليمن.
إن كان من اسم يطلق على جرائم الحرب العدوانية المستمرة للسنة السابعة توالياً على اليمن، فهو «هوتولوكوست»، نسبة إلى إقامة أدوات تسويغها المسماة «الشرعية» في هوتيلات (فنادق) عاصمة ودول واجهة وتمويل هذا العدوان، المملكة السعودية، والإمارات، وغيرهما من الدول المشاركة والمتواطئة.
سيذكر التاريخ أن اليمن دمرت بنيته وهدت كواهل شعبه، وأهرقت دماؤه وأزهقت أرواح عشرات الآلاف من بنيه، وحوصر بأكمله، وجرى إفقاره وتجويعه بغية إذلاله وإخضاعه لهيمنة دول الوصاية وأطماعها، بجريرة ثلة لا تتجاوز الألف فرد، متخمين بأموال العمالة والخيانة، الملطخة بدماء الإجرام!
لن ينسى اليمنيون، كما لن يغفل المؤرخون، أياً كانت جنسياتهم أو انتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية؛ أن هذه الحرب العدوانية الظالمة، كان منشؤها وذريعة استمرارها الأبرز، إعادة ثلة ممن ينتسبون لليمن، إلى دار الرئاسة في العاصمة صنعاء، بعدما غادروها بأوامر دول تحالف العدوان!
سيظل اليمنيون يروون لأبنائهم ومنهم لأحفادهم، كابراً عن كابر، أن «رئيساً مؤقتاً انتقالياً» نُصب باتفاق سياسي أملته إرادات سفراء دول الوصاية العشر، ولم يُنتخب من بين مترشحين متنافسين؛ انكب بكل تفان وإخلاص على تفكيك الدولة اليمنية وتدمير مؤسساتها ومقدراتها، تمهيداً لتقسيمها أشطاراً!
وسيحكون لهم، أن هذا «الرئيس» المؤقت والانتقالي، المُنصب سياسياً وغير المنتخب شعبياً في انتخابات عامة تنافسية؛ أراد بخفة الحاوي وقسر المستبد، تمرير أجندة قوى الهيمنة الغربية «الشرق الأوسط الجديد»، ورهن البلاد للوصاية الدولية، بطلب مباشر منه إدراجها تحت «الفصل السابع» بقرار مجلس الأمن!
سيخبرونهم أن هذا «الرئيس» المفروض قسراً على اليمن واليمنيين «مؤقتاً»، وجد من يقول له: لا، توقف والزم حدك. لست رباً يُعبد، ولا مالكاً لليمن يأمر ويطاع. حينها أعلن تقديم استقالته ابتزازاً لليمنيين، وحين كادت تُقبل، غادر صنعاء ليعلن عدوله عن الاستقالة وأنه «الرئيس الشرعي»، وطلب تدخلاً عسكرياً خارجياً، كان مُعداً مسبقاً!
لن يغفل الآباء واليمنيون المعاصرون لهذا العدوان غير المسبوق وجرائمه، حقيقة أن منطلقه الأول إعادة الوصاية الخارجية على اليمن التي كُسرت، وتنفيذ أجندة «تقسيم اليمن» التي وُضعت، في «مؤتمر حوار» مولته دول الوصاية نفسها وأداره علناً سفراؤها، وفرضوا مخرجاته بقرار من مجلس الأمن، خارق لميثاقه!
ولن ينسى إنسان عاصر هذا العدوان وإجرامه، وقاحة من برروه بذرائع واهية سرعان ما أثبتت مجرياته زيفها وأكدت أحداث وتوجهات دول شنه وقواه بطلانها. من ذلك ذريعة «الانقلاب على الشرعية» المزعومة، وكيف جرى تعميد زيفها بانقلابات عدة نفذتها ومولتها دول تحالف العدوان نفسها على «الشرعية» المفتراة ذاتها!
ستبقى الحقيقة الدامغة، أن جميع دول تحالف العدوان، ومن والاها وسار في فلكها، لم تنشد أمن اليمن وسلامة اليمنيين ولا الدفاع عنه ولا صون وحدة أراضيه وسيادته. على العكس، دأبت منذ اليوم الأول على قتل اليمنيين وجرحهم، ترويعهم وتشريدهم، حصارهم وإفقارهم، تجويعهم وإذلالهم، تمزيق عراهم، واحتلال أراضيهم، ولا شيء غير ذلك.

أترك تعليقاً

التعليقات