بعد الهوان!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يراودني منذ زمن السؤال نفسه، كيف لأمة اجتمعت لها جميع أسباب القوة والعزة، أن تكون بهذا الضعف والذِلة؟! هل العرب والمسلمون يعيشون مسخا، عذابا إلهيا، أم أن عقولهم وقلوبهم غُلفت بجناية مسوخ يدعون حكاما لهذه الأمة؟!
يا أمة المليار ونصف، حتى متى الذل؟! حسبك لو صرخت بوجه العدو لارتعدَ! ترين العِدى ينهشون أقطارك تِبعا تِبعا، ويُجْرون دماك في كل قُطرٍ، أنهرا! يعلنون قتيلهم بألفٍ منك، هكذا علنا! وما كانت دماؤك رخصا لولا الخرس!
كيف ارتضيت الهوان وفيك قرآن يتلى، وطأطأت لحاكم رؤوسهم سيان والذَنَب؟! وأيان تأمنين على نفسك حكام الخنا، وليس فيهم مَن يروم لكرامتك صونا؟! ...
قد شاهت وجوههم بالعار إن كانوا بشرا، بجيوشهم ذُلت أمة أراد الله لها عزا.
لهم مِن المراتب ما لا تعرف لها سببا، وأوسمة ونياشين لا تحصيها عددا. ولهم مِن الرُتب ما لا تحيطه بصرا، نجماتٍ وسيوفٍ ونسور، تشع مهابة وزجرا. تتبعهم آلافٌ مؤلفةٌ مِن الجُند جيوشا، إذ تراها بكل عيدٍ تصطف صفا صفا.
تبدو سدودا منيعة وتتراءى بهتافها أُسدا، لنهش العِدى جوعى لا ترحم منهم أحدا. لكن كل هاتيك النسور الجارحات صورا، اللامعات زهوا المنتصبات بمناكبهم رُتبا، دجاجات جذلى بانتظار دورها ذبحا، حين ادلهام الخطوب لا كرا ولا جرحا!
وذَهبُ نسجها مِن قوت شعوبها هباء ذَهبَ، فقيمتها أغلى مِن لابسيها ثمنا ونفعا. “نقباء” الهوان، “عقداء” الإذعان مهلا مهلا. “عمداء” الامتهان، “جنرالات” الارتهان، جمعا: كيف صرتم “قادة” الخذلان وللجبن ركنا؟! ما بالكم! أليس فيكم إنسان سوي رجلا؟!
ما أكثركم فينا وما أكثر جيوشكم عَددا، بالعتاد تنمى وحداتها، برا وجوا وبحرا! لكنها في الملمات جامدة وأسماء تسمى، لا حياة بها ولا حياء لها ولا أثرا أو فَرقا! فوا أسفا على جيوشٍ لقمعنا أعدت لا العِدى، وتسلحت مِن عِدانا ولأمرهم تنقاد طوعا!
فلسطين أختنا، يغتصبها صهيون ويهودا، تروي دماها “الأقصى” وأقصى ردنا خطبا! سبعون حاكما ورئيسا، جمعهم ما انتصر، للحق وتحرير القدس ما واحدهم انتفضَ! سبعون عاما والجرم محتدم يعمم الذلَ، الشر فيهم ومحروس بهم يرضع الغدرَ!
سبعون عاما والجرح ملتهب ما سكنَ، والكل عن الكرامة منشغل يُطبع الرِقَ! ويجرؤون بَعْدُ، على الظهور حاملين الرُتب، برفقة مَن أمعنوا في إخوتهم ذبحا وقتلا! يصافحونهم بامتنان الذليل لمِن استبد، ويشاركونهم تسويم أهليهم بغزة جوعا!
أيغلقون المنافذ وينظرون لفتحها إذنا؟! وينسون وعيد الله للمطففين وما أعد! ويسامون “غزة” بالخضوع لصهيون حلا، ويبذلون عزتها للأعداء قربانا لهم وزلفا!
ألا خابوا وخاب المسعى وترمل بهم الأمل، وحق عليهم الخزي في الدنيا والأخرى! يشربون “الفخامة” بكؤوس الذل نخبا، ويكتسون المهانة بدماء شعوبهم بُردا!
فلسطين السليبة عُذرا، فحكامنا جبناء، خانوك علنا وجيوشهم لغاصبيك حرس. قد قيض الله لك أحباءه ورسوله مددا، يمانيون، هبوا لطواغيت الأرض نكلا.
لا يرتضون ظلما، ولا يُرامون هضما، أباةٌ للضيم، قد حباهم الرحمن بأسا. وجعل لهم آيات قوة في كتابه تتلى، على العهد باقون، لله ورسوله نصرا.
يبتغون للجهاد مع الله ولوجهه سُبلا، ويجتهدون لنجدتكم لا يدخرون جهدا. “لستم وحدكم” بذا قطعوا لكم العهدَ، ولنصركم انطلقوا، وهم للعهد أوفى.
تولوا علما مِن أعلام هدى الله قائدا، لمعركة الفتح والجهاد المقدس أعلن. لقتال اليهود أعد ما أمر الله واستعد، وبشعب الأنصار وإيمان يقين انطلق.
رد حصار الصهاينة لشعب غزة حصارا، مِن ملتقى البحرين كما لفرعون سبقا. وفلك الطواغيت إذ احتشدت، حصر، بأبابيل المُسير ترميها بسجيل صرما.
فاثبتوا يا أهلنا في غزة، العِزة المثلى، وأبشروا، فإن تحرير الأقصى قد دنا. نراه بكم وبصمودكم، واقعا يتجلى، ومَن كان مع الله، ليس أبدا يُخزى.

أترك تعليقاً

التعليقات