مهر الحرية
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -

نحتفي بتحرير أسرى، ليس لأن فك أسرهم يستحق الاحتفاء، ولا لأنهم يستحقون التقدير في ما أسروا فيه، بل أيضا لأننا بتنا نعرف ما يعانيه الأسير، حق المعرفة، ليس من خلال ما نسمع ونرى فحسب، بل ما نعيشه كل يوم، فجميعنا -فعليا- في حكم الأسرى، جراء هذا الحصار الجائر الظالم، من تحالف الحرب الغاشم الناهم.
ملف الأسرى في الواقع يتسع ليشمل 70٪ من اليمنيين يعانون تداعيات الحصار المفروض من قوى العدوان. نحو 20 مليون يمني ويمنية يعيشون فعليا في سجن كبير، تحجب عنهم مقومات العيش الأساسية، وبالكاد يتحصلون على القليل منها، وأعني الغذاء والدواء والوقود، وما يترتب على شح الأخير وانعدامه من معاناة جمة.
يصر تحالف الحرب على الاستمرار في استخدام ورقة الحصار كسبيل وحيد يراهن عليه لكسر إرادة اليمنيين وإخضاعهم لأهدافه الخبيثة وأجندة أطماعه في اليمن، غير الخفية، احتلالا مباشرا وغير مباشر عبر أدواته ومرتزقته، لسواحل اليمن وموانئه ومنابع ثرواته، بعد تقسيم البلاد إلى كيانات صغيرة متنافرة متناحرة، ضعيفة تابعة.
في الأصل، ما كان أحد يتوقع ولا يريد أو يقبل أن يكون بين اليمنيين الإخوة، أسرى ومعتقلون. لكنها الحرب يتواجه أطرافها على قاعدة «قاتل أو مقتول»، وتظل فسحة النجاة فيها، معقودة على الوقوع في الأسر، وما يترتب عليه من تبعات تحتكم إلى أخلاق الآسر، ومدى مروءته ونخوته، وقبل هذا وذاك، خوفه من الله واتقائه غضبه ونقمته كان يمكن أن يأتي اليوم وقد أفرج عن نحو 15 ألف أسير ومحتجز وقيل 17 ألف أسير ومحتجز لدى جميع أطراف الحرب، حتى تاريخ توقيع اتفاق السويد في 13 ديسمبر 2018م، رفعت قوائم أسمائهم وجرى تبادلها وتبادل الملاحظات عليها، والتحقق منها، وكان يمكن أن يكونوا اليوم طلقاء لولا تعنت دول تحالف العدوان.
لا تريد دول تحالف العدوان لليمنيين أن يتفاهموا وتجمعهم روابط إنسانية أو أخوية، وتصر على تعميق الجراح، لتتمكن من الانفراد بهم واستباحة بلادهم وسيادتها وقرارها، وإبقائها نهبا للدمار والانهيار على مختلف الصعد وفي جميع مناحي الحياة، كسبيل وحيد لنهشها ونهبها وتحقيق أجندة الحرب وأهدافها وجني أطماع دولها ومن وراءها.
ولا ندري كم من الوقت يلزم من يوالون تحالف الحرب والعدوان من اليمنيين حتى تتضح لهم يقينا أهداف هذا التحالف الخبيثة ومراميه الخبيثة لليمن، ويعودوا إلى رشدهم، ولا متى سيقنعون بالأموال والمصالح الخاصة التي يجنونها على حساب دماء وأرواح اليمنيين.. عند أي حد ومقدار منها يمكن أن يقنعوا ويكتفوا ويعودوا إلى رشدهم؟!
كل ما يدركه المتابع، أن الغزو والاحتلال لن يدوما بوجود شعب حر يأبى الخضوع، ويرفض الانكسار، ويعصى على الترويض، ويقدم المزيد من التضحيات مهرا لحريته واستقلاله وسيادته، ولا بد أن تنتصر إرادته في نهاية المطاف، وحينها لن يسامح أو يتساهل أو يتهاون مع كل من أسهم في الاعتداء عليه وقتله وجرحه وتجويعه وتشريده.
هذا ليس ضربا من ضروب الأحلام، بل يقين أكدته الأيام، ليس في اليمن على مر العصور، بل على مستوى العالم. انكسرت أعتى الإمبراطوريات وأشدها بغيا وعدوانا، وأكثرها تجبرا وغرورا، أمام إرادة الشعوب ونزعتها الفطرية للحرية والاستقلال والسيادة والكرامة، وقد ثبت يقينا، أن إرادة الشعوب لا تنكسر ولا تقهر، وأنها وحدها التي تنتصر.

أترك تعليقاً

التعليقات