باطل وقح!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
أقسى ما قد يبتلى به البشر، فقدان مقدرة التمييز بين الخير والشر. مثل هذا كفيل بجعل الناس في حالة تيه وعمى مروعة. حين تعمى البصائر لا الأبصار، وتغلف القلوب بغشاوات الباطل، يصير الناس كمن يسيرون بملء إرادتهم في مواجهة قطار سريع، أو نحو السقوط في هاوية تسحقهم! وهذا ما تراهن عليه قوى الهيمنة والاستكبار، وتعمل لأجله على مختلف المستويات والمجالات.
لنأخذ مثلا، دعاية تحالف العدوان والموالين له، بشأن حرمان قرابة مليون موظف وموظفة، يعولون عشرات الملايين من المدنيين الأبرياء، من رواتبهم. الفعل بحد ذاته شر مطلق وباطل مصفق، لا يحتمل لبسا أو شبهة شك ويجاهر بإجرام بشع، لا سابق له في جولات صراع الخير والشر والحق والباطل، على وجه هذه البسيطة، لا تجدي معه محاولات التبرير والتسويغ بأي حال!
حرمان الموظفين من رواتبهم، شاهد جلي على باطل صريح، يُضاف لجرم خنق تحالف العدوان عشرات الملايين من المدنيين في اليمن بحصار جوي وبحري وبري، وحرب اقتصادية ظالمة تشمل تدمير مرافق الإنتاج، وفرص العمل، والعملة الوطنية، ونهب الثروات وفساد العبث بعائداتها. يصرح علنا باتخاذ رواتب الموظفين سلاح حرب، في سابقة منافية للشرائع والتشريعات والأعراف.
حتى بفرض صدق مزاعم تحالف العدوان والموالين له بأن سلطات المقاومين لهم “ترفض دفع الرواتب”، ما هو مبرر من يزعم أنه “السلطة الشرعية” للامتناع عن دفع رواتب تعول عشرات الملايين من شعب يدَّعي أنه الحاكم الشرعي لهم؟! لا مبرر مطلقا، عدا اتخاذه الرواتب سلاح حرب وتجويع لإخضاعهم وإجبارهم على الخنوع لهذه السلطة أو مخططات وأجندة أطماع خارجية!
فعليا، هذا شاهد صارخ على باطل هذه “السلطة الشرعية” كفيل وحده بإسقاط أي شرعية لها أو مشروعية لأفعالها وتحالف “دعمها”. ما من شريعة سماوية ولا تشريعات بشرية أو أعراف إنسانية تجيز بأي حال العقاب الجماعي أو استهداف مقومات حياة المدنيين وسوقهم مع سبق الإصرار والترصد نحو الفقر والجوع والموت. إنه إجرام سافر لا سابق له، ولا مسوغ له قد يجيزه مطلقا.
وحتميا، لا بد أن يكون الرد على هذا الاعتداء والظلم والجرم، هو الرفض لهذا الباطل الصريح، المؤكد عدوانية تحالف الحرب وأنه لم يكن وليس “لأجل اليمن واليمنيين” ولا يقدم “دعما وإسنادا”، بل يجسد استبدادا وينشد استعبادا لليمنيين. ما يحتم الاستبسال في مواجهته بكل وسيلة متاحة، وردع كل محاولات حرمانهم من ثرواتهم وإفقارهم وتجويعهم ومحاولات كسر إرادتهم وإذلالهم وإخضاعهم.
هذا هو رد الفعل الفطري والغريزي، ولا ينبغي أن يكون مستغربا، مثلما لا وجه لأن يكون مستنكرا. لأنه يتسلح بقوة الحق والحق في استخدام القوة، دفاعا عن النفس، وطلبا للحياة، وتمسكا بحق العيش بكرامة وعزة، ورفض المهانة والذلة، مهما كانت التضحيات أو كانت العواقب. لا خيار، إما أن يكونوا أحرارا أعزاء، أو لا يكونوا أحياء أذلاء. ولا عزاء لكل الظالمين والخائنين والخانعين.

أترك تعليقاً

التعليقات