زقرة اليمن!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يتفق كثير من اليمنيين -إن لم يكن جميعهم- في مقت هذا اليوم. يشتركون في كدر كؤود وقهر ممدود. نعم لديهم ذكرى سيئة، بل ربما الأسوأ في حياتهم. فقد تعرضوا في مثل هذا اليوم لأكبر “زقرة” خادعة! جرى استغفالهم جميعهم وتمرير حدث خطير، بدا لهم أو توقعوا أن يكون بشير خير، فإذا به نذير شر مستطير!
حدث هذا في مثل هذا اليوم. صار الجميع مذ ذلك اليوم بحكم الأسير لكابوس يحبس الأنفاس، جاثوم يلازم صحوهم ومنامهم، بنوائب متلاحقة ومصائب متعاقبة، ظلت تمنيهم بخيبات مريرة ونكبات أليمة، لها تتابع صادم وتدافع هادم، وصولا إلى إشعال الحرب وتسويغ شن العدوان الغاشم والحصار الظالم على اليمن واليمنيين كافة!
الحادي والعشرون من فبراير، غدا يوم نكبة يمنية كبرى بامتياز. في مثل هذا اليوم من العام 2012 جرى تسليم البلاد، أو بالأحرى تعميد تسليم مصير البلاد والعباد، بستة ملايين و600 ألف إبهام لخيار وحيد، كان يفترض به أن يكون “رئيسا مؤقتا انتقاليا” منقذا، ينهي تداعيات أزمة وينجز أهداف “ثورة”، ويقود البلاد إلى بر الأمان.
لكنه، منذ أول أيام تنصيبه سياسيا في هذا المنصب، بدفع إقليمي وخارجي، أثبت أنه إبليس في جسد إنسان! رفع شعار “اليمن الجديد” وسار به نحو التبديد، فعطل معالجات ظلت متاحة، وأشعل أزمات فادحة، أعدم الأمل وعمم الهم والغم، وجعل البلاء جائحة. هدم الثوابت وأقحم البلاد في زلزال مدمر، لم يتوقف حتى اليوم!
لا يذكر اليمنيون حسنة واحدة لعبد ربه منصور هادي. كلمة واحدة، أو موقفا واحدا، أو قرارا واحدا، أو إجراء واحدا، سويا وإيجابيا ووطنيا. كل ما يذكرونه له، خطاب مكرر ينطوي على فرية “تسلمت السلطة وصنعاء منقسمة وخزينة البنك فارغة”! عدا هذا، لا يتذكرون إلا نكبات متوالية، كما لو كان قنبلة نووية انفجرت بوجوههم!
صار كل ما يفترض أو يتوقع أن يكون، منذ 21 فبراير 2012، حلما عصي المنال، وكل ما لا يخطر على البال واقعا ماثلا، وكل ما يتجاوزه الخيال واردا وقائما. مَن كان يتخيل أن يمتد الانفلات الإداري التام والفلتان الأمني العام إلى سقوط طائرات عسكرية في أسواقهم وحاراتهم، وعلى رؤوس المواطنين في منازلهم؟!
لا أحد تخيل إمكان حدوث هذا لكنه ذُهل به يحدث ويتكرر، ليس مرة بل ثلاث مرات متتالية! تماما كذهول جميع اليمنيين بالاغتيالات واقتحامات مقرات قيادة المناطق العسكرية واحدة تلو أخرى، وصولا إلى اقتحام مجمع وزارة الدفاع نفسه وسط العاصمة صنعاء، واقتراف تلك المجزرة البشعة في مستشفى العرضي (مجمع الدفاع)!
ظل الأنكأ، أن من يفترض به أنه رئيس الجمهورية، لا تهتز له شعرة أو يرف له جفن من وجل أو خجل، حيال كل هذه الفاجعات المتوالية. لا يكلف نفسه حتى إلقاء خطاب يواسي فيه الشعب ويهدئ من روعه ويطمئنه، بعد كل فاجعة وصدمة لجموع المواطنين. مثلما لا يكلف نفسه تعزية أسر آلاف الضحايا بكل فاجعة!
لم يكن “عبد ربه منصور هادي” منذ البداية، رئيسا بما توجبه الصفة من استشعار للمسؤولية واستحضار للأمانة واستنفار للحكمة واستمطار للرحمة. بقدر ما ظهر الاستهتار بمصير شعب وبلد، والاستكبار على الشعب، والاستحقار للشعب، والاجترار للأحقاد، والاستمرار في النفخ بكير الأزمات، والإهدار لمقدرات اليمن وسيادته!
ظهر “هادي” منذ يومه الأول “رئيسا”، مجرد مقاول ينفذ عقد تفكيك الدولة ونسيجها وطرحها أرضا وتقسيمها شذرا مذرا. مجرد وكيل لأجندة دول مجلس الوصاية وسفرائها العشرة. وقالها حرفيا في حديثه الهاتفي -المسرب- مع أحمد بن مبارك “يهمني مجلس التعاون الخليجي ومجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي، ويلعن عاره شعب”!
وكما بدأ حياته في كنف سلطات الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن، جنديا بجيش مرتزقته “الليوي”، وحارسا لمسؤول مخابراته في أبين؛ أكمل حياته وختمها في كنف احتلال خارجي لبلده، كان هو مشجبه وذريعة غزوه وعدوانه، وظل مطيته وأداة تمرير أجندة أطماعه في البلاد، حتى أنفته سلطات الاحتلال نفسها، واستبدلته بمجلس لأدواتها.
لم يفعل رئيس ما فعله “هادي”، لدرجة عرضه “تجنيد ثلاثة ملايين شاب (من شعبه مرتزقة) لحماية دول الجوار”! لهذا -وغيره- كان طبيعيا أن يكتسب كره وبغْض اليمنيين، وأن يبارك الشعب سقوط حكمه في 2014، وإسقاط صفته “الرئيس الشرعي” وعزله مِن دول تحالف “دعم شرعيته وإعادته” في 2022م، ورميه في “مزبلة التاريخ”!

أترك تعليقاً

التعليقات