كيف ينامون؟!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يهجر النوم واحدنا، حين يشعر بالألم، على نفسه أو أي إنسان مثله لم يستطع تلبية حاجة له، أكان يعرفه أم لا يعرفه. فكيف الحال وكيف يمكن أن تنام وإخوتك يعانون من الظلم والقهر والقتل والجوع والعطش؟!
يتطلب الأمر قلبا من حجر، لا يشعر أو يتأثر! لكن القلب ليس حجرا. قد يقسو لكنه حتى في قسوته يتألم. تلك فطرة الله، فكيف لا يتأثر إخوتنا العرب المجاورون لفلسطين، بمشاهد إخوتهم يربطون الحجارة على بطونهم جوعا؟!
كيف لا تحرك فيهم مشاهد قتل الفلسطينيين في ساحة توزيع المساعدات الإغاثية؟! إطلاق النار عليهم أو قصفهم وهم بالكاد يقفون من إعياء الجوع والعطش! تجاوز عدد القتلى 800 جائع وخمسة آلاف مصاب، والجميع يتفرج!...
فاجع ومروع ما يحدث، بشر مثلنا يبادون علنا، شعب يباد جماعيا، بالقصف والحصار. دعكم من عرقهم العربي، وديناتهم، ولغتهم. يكفي ليزلزل كيان أي إنسان، هول ما يجري بوصفه قتلا جماعيا لبشر، أطفال ونساء، شباب وكهول!
شاهدت احتجاجات في إسبانيا وهولندا وغيرهما من الدول «الكافرة».. اكتظت شوارعها وساحاتها بالغاضبين للإنسانية، الساخطين على الإبادة الجماعية، المستفزين من جرائم الحرب الصهيونية اليومية في قطاع غزة!
لاحظت كيف يشعر المحتجون في هذه الدول، بالعار، ويمتازون غضبا لاستمرار إبادة الكيان الصهيوني شعبا أعزل، سُلبت أرضه واغتصبت دولته ودمرت مساكنه وصودرت مزارعه، وبات عليه أن يغادر قسرا أو يموت قصفا وجوعا!
هؤلاء المحتجون علاوة على مشاعرهم الإنسانية الفطرية السوية، يستشعرون الخطر على البشرية جمعاء، من السكوت على إجرام الكيان الصهيوني بحق الإنسانية، رغم أنهم بعيدون عنه وشره، بعشرات الآلاف من الكيلومترات.
السؤال: كيف تنام الشعوب العربية المجاورة لفلسطين، قريرة الأعين؟! كيف تستطيع أن تنام، وتأكل، وتشرب، وتمارس حياتها، وهي ترى وتسمع أهوال إبادة إخوتهم في قطاع غزة، ولا تخشى حتى على نفسها وأن يأتي الدور عليها لاحقا؟!
ليس طبيعيا ما يحدث، هناك أمر جلل وراء هذا التخاذل! هذا الموقف فاجع وردة الفعل هذه للشعوب العربية المحيطة بفلسطين إحاطة السوار للمعصم، هي الخطر بعينه، الحاضن الفعلي للخطر الصهيوني والشاحذ لجرأة إجرامه!
يبقى الثابت في هذا المقام المروع، أن «ما أمسى في جارك أصبح في دارك». ما يجري في فلسطين اليوم، سيكون في باقي الأقطار العربية غدا. سبق أن حدث هذا من المغول، ومن التتار، ومن الصليبيين، واستفرادهم بأقطارنا وممالك الأندلس واحدة تلو أخرى!

أترك تعليقاً

التعليقات