حرق مراحل!!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
تُظهر متواليات الأحداث والوقائع، على نحو واضح وقاطع، لا يحتمل الالتباس أو الانتكاس؛ انكشافا سافرا وخطيرا لأوراق العدو الصهيوني بالكامل، وتمكينا فاجرا ومتسارعا له من تحالف الشر "الأنجلو-صهيوني"، وحلفائه (عملائه) في المنطقة.
صار الكيان الصهيوني يجاهر بمهمة ابتلاع ما تبقى من فلسطين، ويتحرك على المكشوف، بخطوات سريعة وخطيرة، وإعلانه "إخضاع الضفة الغربية لسيادته"، و"احتلال قطاع غزة وإحكام حصاره ونقل سكانه"؛ يتبعه إعلان احتلال دول عربية!!
ليس غريبا أن يفعل الكيان الصهيوني هذا ويكشف كل أوراقه. الغريب هو ألا يفعل، مع توافر كل هذا الدعم. لا أعني الدعم الدولي، فهو مقترن بإنشاء الكيان، بل الدعم الإقليمي والعربي والإسلامي، بذريعة "إنهاء الصراع الإسرائيلي -العربي"!!... 
قطعا، "الصراع الإسرائيلي -العربي" لن ينتهي إلا بإنهاء المقاومة لكيان الاحتلال الصهيوني، وباستثناء جبهات هذه المقاومة في فلسطين وسوريا والعراق ولبنان واليمن وإيران؛ لم يعد هناك "صراع إسرائيلي -عربي"، رسميا منذ نكسة العام 1967م.
الحاصل عمليا، منذ ذلك الحين (1967م)، على المستوى الرسمي العربي والإسلامي، هو استسلام فعلي للكيان الصهيوني، وتمكين كلي لابتلاع الكيان الصهيوني الأراضي العربية المحتلة، وتثبيت احتلاله فلسطين، وصولا لاحتلالها كاملة!!
استطاع كيان الاحتلال الصهيوني طوال 77 عاما، تشييد مئات المستوطنات، وحشد ملايين المستوطنين الصهاينة من أنحاء العالم، حتى صار تعدادهم يفوق تعداد الفلسطينيين أصحاب الأرض، المشردين قسرا بالملايين من حقولهم ومدنهم!!
قلب الكيان الصهيوني المعادلة، وصار يقدم نفسه "صاحب حق"، بينما الفلسطينيين "دعاة باطل". وبدلا من أن ينكب الكيان على المطالبة بدولة في فلسطين، جعل العرب والمسلمين، هم من يطالبون بدولة فلسطينية مجاورة لدولته!!
هذا هو الموقف الرسمي لغالبية 57 دولة عربية وإسلامية: استسلام قائم للعدو الصهيوني باسم "سلام" حالم، وتوسل القبول بـ"المبادرة العربية للسلام"، و"حل الدولتين"، والتذرع بصك الاستسلام "الأرض مقابل السلام"!!
لكن الأنكى، أن الأنظمة العربية والإسلامية، حتى في تنازلها المهين هذا عن الحق الفلسطيني بكامل فلسطين ودولتها المستقلة كاملة السيادة؛ ليست جادة في فرض "حل الدولتين"، ولا تنوي فرض الاعتراف الدولي بدولة فلسطين!!
تعجز "منظمة التعاون الإسلامي" و"جامعة الدول العربية"، وجميع الأنظمة العربية والإسلامية، عن تنفيذ ما سمته "المبادرة العربية للسلام". هذا العجز نتيجة حتمية، لأن من يستسلم لا يفرض شروطا، بل تُفرض عليه شروط مذلة، هي اليوم ماثلة للعيان!!
في المقابل، استطاع كيان الاحتلال الصهيوني، بمساندة غربية وخيانة عربية، أن "يحرق المراحل" ويصير "دولة" تعترف بها دول العالم، وأن يهيمن على 400 مليون عربي و1.5 مليار مسلم بواسطة حكامهم، وأن يسير علنا لاستكمال "دولة إسرائيل الكبرى"!!
يظل الثابت أن مجريات الأحداث تسير باتجاه تنصيب الأنظمة الغربية والأوروبية وبدعم وتمويل أنظمة عربية، الكيان الصهيوني سيدا للمنطقة، واحتلال المزيد من الأراضي العربية وضمها إلى "إسرائيل الكبرى"، ما لم تفق الأمة من غفوتها وتنه غفلتها وإذلالها.

أترك تعليقاً

التعليقات