مزاد الأردن!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
لا قيمة للبشر عند بعض الدشر. لهذا خابت آمال الملايين في «مشاورات الأردن لفتح الطرقات ومنافذ المدن». هكذا كان اسمها المْعلن من مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، لكن الجميع فجع بتحويل «المشاورات» إلى مزايدات، بتصيير لقاء عمَّان إلى «مزاد»، يتبارى فيه بعض سياسييه على إدامة أوجاع الإنسان في هذا البلد، ليدوم الاتجار بها!
طوال ثلاثة أيام من الترقب، بقي اليمنيون يعلقون آمالاً عريضة على هذه المشاورات التي استهلها المبعوث الأممي بتطلعه إلى «التوصل لاتفاق يفضي لفتح جميع الطرقات والمنافذ وإنهاء معاناة المدنيين لسنوات بسبب إغلاقها وتقييد حركة تنقل الأفراد والسلع». كان الحديث الأممي عن «جميع الطرقات والمنافذ المغلقة» لولا الأنانية السياسية!
أنانية لا تخجل من حصر المشاورات في فتح طرقات ومنافذ تعز فقط. تجاهر برفض فتح طرقات ومنافذ الضالع والبيضاء ومأرب وغيرها من محافظات ومدن مسكونة بملايين البشر، بكبَد الشقاء نفسه، والعناء ذاته، والكرب عينه لهذه الحرب العدوانية وحصادها التدميري، ولا شيء عدا التدمير بدعوى التحرير ومسعى تجريد اليمنيين من الكرامة والحياة!
تمسك تحالف الحرب العدوانية على اليمن ووفد حكومته بموقف صلف، لا ينسجم ومسمى مشاورات أو مفاوضات. طالب بفتح جميع الطرق المؤدية إلى مدينة تعز دون شرط. لم يقدم مبادرات أو التزامات وضمانات ما بعد فتح هذه الطرق. هل سيجنح لإنهاء الاقتتال، وهل سيرفع مواقع مقاتليه من خطوط التماس، حواجز وجدران النار بهذه الطرقات؟!
هذا التعنت لا ينم عن أدنى إحساس بمعاناة ملايين المواطنين المدنيين من إغلاق هذه الطرقات والمنافذ. يتحدث عنها للمزايدة، لكنه لا يبالي فعلياً بمشقة سلك طرق وعرة بديلة، محفوفة بأخطار عدة، وعناء الرحلة المضنية عبرها واستنزافها أربعة أضعاف الوقت! لو حضر الإحساس لكان ظهر بقرار إنهاء القتال ورفع مواقع وثكنات المقاتلين من محابس الطرقات.
ظل هذا الموقف يرتكز على «هذه مقابل تلك». فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة جزئياً مقابله فتح طرقات ومنافذ تعز كلياً دون شرط. متجاهلا أن فتح مطار صنعاء مقيد بخط سير محدد بمحطة مغادرة ووصول وتقارير طبية، وتحر سابق وتحقق لاحق، كما هو فتح ميناء الحديدة، مقيد بآلية «تفتيش وتحقق» جيبوتي، رغم أن فتحهما حق للمواطنين قبل غيرهم.
ما حدث في الأردن، هو الإصرار على جعل العربة تتقدم الحصان. لم يكن ممكناً أن تدور عجلة تفريج كرب الحرب على المواطنين. لا مبادرات لإثبات حسن النوايا وبناء الثقة. لا تنازلات أو مقترحات حلول عملية أو حتى حلول وسط. الموقف نفسه للتحالف وأدواته من إنهاء الحرب: مطلوب استسلام كامل وتسليم شامل، لا سلام شامل وعادل!

أترك تعليقاً

التعليقات