كفى سحتا!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يعتاش كثير من الانتهازيين على مصائب غيرهم من البشر المستضعفين. يحدث هذا منذ سنوات مع اليمن واليمنيين. يمارس السحت علنا باسمهم وباسم معاناة “الأزمة الإنسانية الأسوأ عالميا” لليمنيين المُفقرين عمدا، والنازحين والمشردين قسرا، وأولئك الفقراء المعدمين عجزا، جراء العدوان. من ذلك “جمع الأمم المتحدة 27 مليار دولار لتمويل برامج إغاثة اليمنيين”!
تخيلوا 27 مليار دولار، أعلنت الأمم المتحدة جمعها عبر عقدها سبعة “مؤتمرات مانحين لليمن” خلال سبع سنوات فقط! في التفاصيل تتحدث الأمم المتحدة عبر برنامج الأغذية العالمي عن تمويل مساعدات غذائية لعدد ظل يتزايد الى 16 مليون يمني (تصرف كل 3 أشهر) وتقول إن “سعر كلفة السلة الغذائية بين 70 و90 دولارا ثم خفضت إلى 50 دولار”!
فعليا، السلة الغذائية التي يوزعها برنامج الأغذية العالمي، تكون في أفضل حالات اكتمالها: كيس دقيق 50 كجم ونصف كيس قمح 25 كجم وعلبة زيت بين 2.5 و5 لترات، و5 كيلوجرامات بقوليات (فاصوليا أو بازلاء) و2 كجم سكر. علما أنها كانت هكذا في أول عامي الحرب ثم ظلت تتناقص حتى صارت فقط كيس دقيق وقمح 45 كجم فقط منذ العام الماضي!
لا يخلو الأمر أيضا، من تلف كميات كبيرة من هذه المساعدات الغذائية. حدث هذا مرارا، وضبطت كميات كبيرة منها تالفة أو فسدت في غير محافظة ومدينة يمنية ولمرات عدة متوالية، إما لسوء التخزين أو لانتهاء فترة صلاحية الاستخدام. مع ذلك لم يقبل برنامج الأغذية العالمي بمقترحات ومطالبات توزيع قيمة السلة نقدا للمستفيدين منها، رغم ضمانات البصمة وغيرها.
في المقابل ظلت تقارير برنامج الأغذية العالمي تتحدث عن مئات ملايين الدولارات من مخصصات برامج الإغاثة لليمنيين، تذهب كل عام “نفقات إدارية وفنية ونثريات (شحن ونقل وتخزين وتوزيع ومحروقات ورحلات وسكن وإنترنت وحماية ورواتب موظفين). أرقام صادمة تتجاوز 50% من مخصصات شراء المواد الغذائية، سنويا، حسب تقارير البرنامج نفسه!
يُضاف إلى ما سلف، أن الدول المانحة في مؤتمرات السحت باسم اليمن، تسترد منحها لإغاثة اليمنيين عبر توجيهها لحساب منظمات وهيئات تابعة لها. من هذا ما يسمى “مركز سلمان للإغاثة” و”البرنامج السعودي لإعادة إعمار اليمن” و”الهلال الأحمر الإماراتي”، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية، غير المرئية إلا بكشوفات تصفية مبالغ مؤتمرات المانحين!
لا يظهر إذن، الدافع الإنساني هدفا حقيقيا عند جمع هذه الأموال ولا عند إنفاقها. هناك أهداف أخرى سياسية دعائية، وأخرى استخباراتية معلوماتية، واستقطابية لولاء الفقراء، وتجنيدية أيضا. تؤكد هذا استمارات “استبيان الحالات المستحقة” والبيانات التي تجمعها وآليات اعتماد الحالات واختيار مناطق التوزيع، وغير ذلك من الأمور البينات، الواجب أخذ الحذر منها!
يبقى محك مصداقية “الدافع الإنساني” ونزاهة الهدف هو نوع الفائدة المتحققة وعدد المستفيدين منها، على المدى الآني والمتوسط والبعيد. كانت هذه الأموال ومنذ أول مؤتمرات جمعها باسم اليمنيين وإغاثتهم، تغطي رواتب الموظفين وغير الموظفين بانتظام، بل ونفقات زرع القمح بوديان تهامة وسردود وتبن وغيرها من الأودية الخصبة في اليمن وبما يفيض عن حاجة جميع اليمنيين!
لهذا، يظل الثابت، هو أن الأمم المتحدة ومنظماتها وبعثاتها لو سعت بالهمة نفسها التي تظهرها لجمع أموال المانحين لليمن، إلى إنهاء الحرب العدوانية على اليمن وحصارها الظالم، لأمكنها هذا منذ سنوات. والأثبت من ذلك، أن اليمن ما كان يحتاج مساعدة أحد، لو سلم تدخل “المنقذين” المزيفين، ومراميهم الخبيثة، وأطماعهم العلنية، وتدميرهم الحاقد لمقدرات اليمن ونهبهم لثرواته.

أترك تعليقاً

التعليقات