أرضة الغرب!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
ترفع سياسة بريطانيا والولايات المتحدة ونهجهما في اليمن شعاراً واحداً من ثلاث كلمات: «الكل معانا مرّضي». كل من يمد يده لهما ويؤدي فروض الطاعة والولاء لهما يعدانه بإعطائه «لقمة» ويكون راضياً. المهم أن يشارك في إسقاط الذبيحة وطرحها أرضا. والعكس تماماً لكل من لا يفعل!
الأصوليون (القاعديون والداعشيون) المتطرفون الذين تسميهم واشنطن ولندن «إرهابيين»، مرضيون منهما. سبق أن ظهرت وضبطت شحنات أسلحة مقدمة لجماعاتهم وعناصرهم في اليمن مما تسمى «الوكالة الأمريكية للتنمية» وعليها شعار «الصداقة الأمريكية». حدث هذا في غير جبهة في اليمن!
وبالمثل الأصوليون «الوهابيون» المتشددون الذين تسميهم «إصلاحيين» وتسميهم الإمارات «إخوانيين» ويُعرفون بأنهم «براجماتيون وصوليون». هم أيضاً مرضيون من واشنطن ولندن طالما كانوا معهما ويعملون على تنفيذ أجندتهما في اليمن ضمن أجندة «الشرق الأوسط الجديد» وغايتها: تجزيء المجزأ!
كذلك الانفصاليون «الجنوبيون» المتطرفون أيضاً الذين تسميهم «انتقاليين» هم أيضاً مرضيون من بريطانيا والولايات المتحدة وتدعمانهم سياسياً وعسكرياً وتضفيان عليهم صفة «الشرعية» وأنهم «ممثلون للشعب في الجنوب» دون أن تبينا كيف وبأي وسيلة انتخابية عامة وحرة، صاروا ممثلين لهذا الشعب!
لا توجد في اليمن أقليات عرقية (إثنية) أو طوائف دينية. مع ذلك ترعى أمريكا وبريطانيا بحماس كل صوت تمييز على أساس عرقي أو إثني. من ذلك الحديث بفجاجة عن «اضطهاد المسيحيين» في اليمن، و»اليهود المضطهدين»، وقبل هذا الحديث عن «طائفة المهمشين» وتقصد ذوي البشرة السوداء، ومؤخراً «البهائيين»!
مجتمعياً أيضاً، تشتغل واشنطن ولندن منذ سنوات بل عقود، وتحديداً منذ بداية الألفية، على ما تسميانه «إنهاء التمييز بين الرجل والمرأة» وتطلقان عليه مصطلح «الجندر». لهذا نجدهما تناديان بحصة المرأة الموازية للرجل في السلطة، ليس على أساس معايير الكفاءة أو الأهلية، بل فقط معياري الجنس والولاء لهما!
أيضاً ما تسميه الولايات المتحدة وبريطانيا منذ عقدين من الزمن «الحوثيين». تتعاملان مع «أنصار الله» بوصفها «حركة أقلية طائفية مناهضة لاضطهادها»، وليس باعتبارها حركة شعبية تحررية من الهيمنة الأمريكية والوصاية الخارجية. لهذا ساومتاها وتساومانها على الدعم والتمكين مقابل الولاء والطاعة!
النهج نفسه مارسته واشنطن ولندن في كل بلد أتبعتاه لهيمنتهما وأخضعتاه لوصايتهما وتوغلتا في سلبه سيادته واستقلال قراره وأوغلتا في نهب مقدراته وثرواته، وفي إفقار شعبه وجعله بلداً غير مستقر، لا يملك أمره وإدارة شؤونه، ويحتاج لمبعوثين (حاكمين) أمريكي وبريطاني، ومساعدات ومنح وقروض.. إلخ.
الأمثلة كثيرة، قديمة وجديدة ومتجددة، على مآلات أرضة الغرب، هذا التدخل الأمريكي والبريطاني المباشر وغير المباشر عبر أدوات وقفازات إقليمية كالسعودية والإمارات، في المنطقة العربية. لا خير كائناً أو يرجى أن يكون في بلد فقد سيادته واستقلال قراره الوطني. النتيجة واحدة: ارتهان تام للخارج يقابله امتهان دام للداخل!
المشكلة تبقى في غياب وتغييب الوعي الشعبي في هذا البلد أو ذاك. إلهاء الشعوب عن أُس دائها وسبب مصابها ومصدر بلائها. يكون هذا بأمرين: افتعال عداوات وصراعات عبثية بين قوى هذه الشعوب (فرق تسد)، وإنهاك هذه الشعوب بالفقر وتدهور الخدمات والعملة ولهاث تأمين مقومات العيش، واختزال أحلامها في البقاء أحياء، ولو عبيداً!

أترك تعليقاً

التعليقات