مبلوحون!
 

ابراهيم الحكيم

إبراهيم الحكيم / لا ميديا -
يقال في العامية اليمنية الدارجة، فلان مبلوح، أي منزوع الحياء، ذهب ماء وجهه، لا يستحي ولا يخجل في إنكاره وجحوده. لا يبالي بأي شيء، ولا يأبه لأحد، لا يكترث لاستياء أو استنكار أو معابة أحد. إذ لا يعرف العيب أو يتحاشاه أصلا.
وإذا كانت من أهم غنائم الدنيا ونعم الله على الفرد، بجانب العافية والستر، هي المرأة الصالحة، فإن من أهم غنائم الشعوب ونعم الله عليها، السلطة الصالحة، التقية الزاهدة، النزيهة المسؤولة. وقبل هذا وذاك السلطة الحياءة، التي تخجل من شعبها.
كذلك، مِن أطم مغارم الدنيا ونقم الله على الفرد، هي امرأة السوء، تلك الجاحدة المُشاحنة، المنانة، الحاقدة، الناشزة، المتعالية، الأنانية، السافرة، الفاجرة الكاذبة، فقيرة الدين، معدومة التقوى، منزوعة الحياء. تنكد عيشك بضنك يحيله حريقا ورمادا!
البلاء نفسه، ينعكس على الشعوب، وأشقى ما قد تبتلى به الشعوب، هو السلطة الجاهلة، المأفونة، العابثة، الفاشلة، الكاذبة، المنافقة، الفاسدة، الظالمة، سافرة النشوز، فاجرة الجحود، فارطة التكبر، عاتية التجبر، التي تُخدم ولا تخدم، وتتباهى بالفشل!
وهذا هو ما يعانيه اليمنيون. ابتلوا بنُخب، جُلها مدعية النجابة والمعرفة، والكفاءة والمقدرة، والنزاهة والغيرة. تجدها مزورة الخبرة، مضللة للرؤية، مدنسة للكلمة، مدلسة للحق، محرفة للحقيقة، نرجسية انتهازية، حالها مع كل سلطة، إما زوجة أو ضرة، غيورة!
تجسد هذه النُخب الفاسدة، في طبائعها ومواقفها حيال السلطة، قولهم “وافق شن طبقه”! توافق هوى السلطة وتجاري أهواءها، تستمرئ ارتداء الأقنعة، وركوب كل موجة، وتقمص شخصية مهرج السيرك، فتبدل آراءها ومواقفها كما يستبدل ثيابه المبهرجة!
لا شيء أكثر من التضليل والتغرير للعامة، تجيده هذه الجوقة الطامة، بخطاب تبرير لأخطاء وخطايا السلطة، يأخذ طابع “تفسير” ويغص باعتساف الحقيقة ولي عنقها وتسويق الفرية وترويج الترهة، كما لو أنها صحف سماوية منزلة، عن الغي مطهرة!
وطالما بقيت ثلة المترفين هذه، نشطة ومحظية، لدى كل سلطة في كل زمان ومكان؛ سيبقى الفساد والاختلال ويقوى الإفساد والاعتلال، حتى يفيق العامة من الغفلة، ويستبينوا واقع الرفلة، ويميزوا من بين هذه الكثرة، الطيب من الخبيث، والصادق من الكاذب.

أترك تعليقاً

التعليقات