رئيس التحرير - صلاح الدكاك

سيد الثورة يتوج مليونية «شعب الأشتر» بخطاب يصل نبع الولاية بالمصب
غدير الرسالة يعاود الجريان في اليمن

صلاح الدكاك / لا ميديا -
شهدت ميادين وساحات معظم محافظات ومدن ومديريات الجمهورية، صباح أمس، حشوداً مليونية تقاطرت احتفاءً بالذكرى السنوية ليوم الولاية، الذي يوافق الـ18 من ذي الحجة، ويحييه أغلب اليمنيين كاعتياد درجوا عليه منذ أمد، مجددين خلاله الولاء للإمام علي عليه السلام بوصفه مظهر الرسالة المحمدية، وبوصف ولايته بلاغاً قرآنياً من الله لنبيه أذاعه على الأمة في «غدير خم» الواقع بين مكة والمدينة عقب حجة الوداع السنة العاشرة للهجرة.

ومساءً ألقى سيد الثورة، السيد القائد عبدالملك الحوثي، خطاباً كاشفاً للأبعاد الدلالية العميقة لمفهوم الولاية، الذي بتغييبه أمكن لأعداء الأمة من خارجها وللمنافقين من المحسوبين عليها، أن يجيروا عناوين إسلامية لجهة السيطرة على الأمة وحرفها عن مسارها الرسالي وتحويل الإسلام من مشروع بنّاء إلى محض طقوس تعبدية مفرغة من جوهر الدعوة المحمدية ومقاصدها العظيمة.
بعد أن يورد سيد الثورة البراهين المشهودة والجلية والمتواترة على ثبوت "بلاغ غدير خم"، متوجة بالنص القرآني والمأثور النبوي كحجج قاطعة لا لبس فيها، يشرع في بسط الأهمية الرسالية لهذا المفهوم في الواقع الحياتي المنظور للأمة بطيف مناحيه وما يترتب على الإيمان به والعمل بموجبه من استقلالية ونهوض مستنير لا تزيغ معه الأمة عن الغايات الكلية للرسالة النبوية، براءً من الطواغيت وأعداء الله، وولاءً لأوليائه، واستعصاءً على كل محاولات اختراقها وتعبيدها، وبلوغاً للغلبة القيمية والمادية على منهجية قرآنية بينة قوامها "وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ"، كما وعلى رافعة إيمانية عملية موصولة الحلقات بـ"من كنت مولاه فهذا علي مولاه".
هذه المنهجية الإيمانية العملية قوامها القرآن والولاية كرسالة بلغها الرسول النبي حق التبليغ، من "اصدع بما تؤمر.." مطلع الدعوة المحمدية إلى "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ..." قبل ثلاثة أشهر من وفاة خير الخلق وعقب حجة الوداع.
ترتيباً فإن الأخذ المنقوص للرسالة المحمدية -يقول سيد الثورة- يجعل من الإسلام حالة انفلات ينفُذ من خلالها الطواغيت والمنافقون ليقدموا أنفسهم كرموز بديلة مزيفة يكون على الأمة احتذاؤها.
علي عليه السلام هو الترجمة العملية الأكمل للرسالة المحمدية ـ يؤكد سيد الثورة وشواهد سيرة الإمام، وهو "مظهر الحق" في توصيف المفكر علي شريعتي، وقد تجلت الدعوة المحمدية، مقاصد وقيماً، في حركات وسكنات الإمام علي، في أمثل صورها الحية كما لم تتجلَّ في غير شخصه، لأنه نشأ من مهده ربيباً للنبي محمد وعاش قريناً له، تتشرب أنفاسه آيات الذكر الحكيم أولاً فأولاً، وتتمثلها سلوكاً مشهوداً، وتلك سيرة طاهرة لا تناظرها في النقاء سيرة، وقربى نبوية لا تدانيها قرابة.
لا رجماً عن غيب ولا تجديفاً في سديم المفاهيم، يشق اليمنيون اليوم، بهذه المنهجية والإيمان المقرون بالولاية والعمل، كالح ليل العدوان الكوني والحصار، بقيادة سيد بات ذو الفقار في يمينه صواريخ ومسيّرات بعيدات المدى تترجم براء شعب الأنصار من الطاغوت وكفرهم به قولاً وفعلاً وعكوفاً فذاً على استيلاد أسباب القوة المادية من صفر الإمكانات، بمنهجية قرآنية، وتسديد الضربات لمخادع الطغاة وتقويض أسباب قوتهم المستقوية بأمريكا، في بث مباشر يتمظهر من خلاله بون المسافة بين زمن الوصاية الخانع من جهة وزمن الولاية الشاهق العزيز من جهة مقابلة.
لقد أمكن للصهيووهابية المسلحة بالبترودولار الحيلولة لبعض الوقت بين عطاشى شعبنا وبين "غدير خم"، لكن أشواقهم كانت كل الوقت أعلى مداً من جَزْر مؤامرات الصهيووهابية، وهاهي تعاود جريانها في المجرى المحمدي العلوي بزخم أكبر دفقاً صوب الوجهة التي أرادها الله لها على أرض لا يُعبد فيها سواه.

أترك تعليقاً

التعليقات