وعد بلفور روسي معاصر!
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

روسيا تطالب بإخلاء الشريط الحدودي السوري مع الجولان وفلسطين المحتلة من كل تواجد عسكري عدا الجيش السوري..
الأسبوع الفائت تداولت وسائل إعلام عربية وعبرية خبراً عن إسقاط الدفاعات الصهيونية طائرة روسية ، في تمهيد واضح لتمكين روسيا من دور في الجنوب السوري الذي لم يكن للروس حضور عسكري فيه خلال سنوات الحرب على سوريا.
عندما اغتال طيران العدو الصهيوني المناضل سمير القنطار كانت موسكو قد أعلنت أن هذا الحيز الجيوسياسي من الجمهورية العربية السورية ليس منطقة نشاط عسكري لقواتها العاملة في سوريا وأن حضورها يقتصر على الشمال الغربي والشرقي منها وبتشبيك وتفاهمات مع دمشق و... واشنطن لاسيما عقب ولوج الأخيرة مسرح الاشتباك المباشر بتحالف دولي تحت مظلة قرار أممي ( للحرب على داعش).
التماس الجغرافي السوري مع كيان الاحتلال الصهيوني محكوم بقرار فض الاشتباك على خلفية نتائج حرب تشرين 1973 لجهة تسمية منطقة عازلة تتولى إدارتها ومراقبة تطبيق بنود القرار على الجانبين قوة أممية.
مع اندلاع الحرب على سوريا استولدت إسرائيل وجندت فصائل مسلحة أرهابية بمسميات ثورية ودينية، من رحم ( ربيع المؤامرات والفوضى الخلاقة) قامت باجتياح المنطقة العازلة وأسر أفراد القوة الأممية العاملة فيها و الإفراج عنها لاحقاً وبذلك باتت الدولة السورية في حِل من قواعد وموجبات فض الاشتباك .
راهنت دولة العدو الصهيوني على أن سقوط دمشق أو عجزها عن تأمين هذا التماس سيتيح مناخاً مواتياً لبسط يدها والتوغل في الجغرافيا السورية بذريعة حماية أمنها القومي من ارتدادات الربيع وسيطرة الجماعات الإرهابية على أنقاض الدولة السورية عدا ماسيترتب عليه سقوط الأخيرة أو عجزها السيادي من ريوع استراتيجية أبرزها عزل إيران والقضاء على حزب الله كتحصيل حاصل والخلاص نهائياً من محور المقاومة ..كانت النتائج على نقيض المرجوة إسرائيلياً ومخيبة لحسابات تل أبيب وعوضاً عن أن تسقط سوريا الأسد باتت الجولان وفلسطين المحتلة في مرمى مقلاع من(حلفاء دمشق- حزب الله وإيران والتشكيلات العربية المقاومة ) الذين شغلوا فراغ هذا الحيز على نحو أوقع دولة الاحتلال في خناق الحفرة التي حفرتها لسوريا علاوة على اندحار وتلاشي خرافة داعش وبروز محور المقاونة كقوة فاعلة رئيسة إقليمياً وتنامي رصيده في حساب التأثير والحضور الدوليين.
الحاجة الإسرائيلية اليوم هي لروسيا في المقام الأول لا لأمريكا كملاذ وحيد يمكنه حمايتها من الأخطار الآنفة وإعادة قواعد فض الاشتباك الناظمة للتماس الجغرافي السوري مع كيان الاحتلال إلى سابق عهدها قبل الربيع العبري كحد أدنى.
لذا سقطت أو أسقطت (الطائرة الروسية) لتمرير روسيا كطرف معني بأمر هذا الحيز مباشرة.
موسكو لم تتبن مطلب إخلاء هذا التماس من حلفاء سوريا فحسب بل تسعى لإدراجه تحت توصيف (مناطق خفض التصعيد أو التوتر) بمايعنيه ذلك من نفخ الروح الذاوية في جسد الجماعات الإرهابية المتآكل وشرعنة سيطرتها على ما تحت يدها من جغرافيا سورية.
الأمر أشبه بوعد بلفور آخر لإسرائيل لكن روسي وعلى تراب سوريا هذه المرة...بفارق أن الأرض الموعود بها عرين أسد يرجع إليه وإلى قيادته كل الفضل في إعادة شوارب الهيبة لروسيا النتفاء الذليلة في الشرق العربي...وبوسع الأسد نتفهما متى اقتضت المجريات.

أترك تعليقاً

التعليقات