رئيس التحرير - صلاح الدكاك

انتابتنا قبل عام ونصف العام إبان الاحتفال بمرور عام من الصمود في وجه العدوان، ذات المخاوف التي تنتاب الكثيرين منا اليوم إزاء التحشيد الجاري على ضفتين بين المؤتمر الشعبي وأنصار الله.
ولذات الأسباب التي انقلبت معها مخاوفنا حينها إلى استبشار بمتانة الوفاق الوطني، فإن مخاوفنا ستنقلب استبشاراً.
ابحثوا عن المشتركات بين المكونين الأبرز المناهضين للعدوان، لا عن التناقضات، وستجدونها مشتركات كثيرة؛ بل إن الخلافات الطافية على السطح ثبت في كل مرة أنها ليست سوى تكتيك يوقع العدو في فخ رهان خاسر على شق الصف الوطني.
سترون كيف سيقلب أنصار الله والمؤتمر الشعبي طاولة الحسابات على العدوان الأمريكي السعودي يوم 24 أغسطس، وستنكفئ خفافيشه ومندسوه إلى أوكارها لتعاود البيات الذليل إن ظلت لها أوكار.
على النقيض من مخاوف البعض وتحفظاته، فإن وحدة الصف الوطني المناهض للعدوان برأيي ستغدو أمتن وأوثق بفعاليتين في ذات الوجهة؛ إحداهما حزبية وطنية، والأخرى ثورية وطنية، تتشاطران إحساساً عالياً إزاء خطر وجودي يهدد البلد برمته قولاً وعملاً، مع احتفاظهما باختلاف ملامحهما دون خلاف.
لتتأكدوا من صوابية هذا الاستشراف عليكم بإمعان النظر في انضباطية وضخامة مناورة البأس الشديد في المنطقة العسكرية الرابعة، وطبيعة الحضور القيادي وزخم العرض وحرفيته، كما وكلمات احتفالية ذكرى مرور عام على تأسيس المجلس السياسي الأعلى.
إن قوة أنصار الله الثورية ترفد وتثمن القوة السياسية للمؤتمر المناهض للعدوان، والعكس صحيح، وضعف أحدهما هو ضعف للآخر.. الآن فقط لن يتمكن العدو من جعل فعالية تأسيس المؤتمر حصان طروادة لتمرير مؤامراته ضد البلد وجبهته الداخلية، كمحاولة أخيرة منه بعد تغريزة عامين ونصف على المدخل الشرقي للعاصمة.
إن الجهوزية التي يبديها كلا الحليفين هي الضمانة الإيجابية للحيلولة دون افتئات طرف داخلي على طرف بدعوى الغلبة الجماهيرية من جهة، لاسيما وأن الغاية من التحشيد ليست خوض انتخابات، وإنما تظهير حجم الشارع المناهض للعدوان، ومن جهة موازية فإن هذه الجهوزية واستشعار الفقاعة الذاتية لدى الطرفين بهذا الحس الرفيع يصيب رهانات العدو في مقتل حيال استثمار ما يعتقد أنه وهن طرف وضآلته أمام الآخر في لعبة موازين قوى تتيح له الانسحاب من مستنقع مآزقه الناجمة عن التورط العسكري المباشر في اليمن، ومن ثم تسليم دفات الاحتراب لدورة من التدمير الذاتي الداخلي تتولى إدارتها مكونات القزامة السياسية بالإنابة عنه وعن مشاريعه.
إن دعوة أبو أحمد الحوثي للتحشيد في مداخل العاصمة، والتي قصد توجيهها للقبائل، هي رسالة قوية لمطابخ مشروع الأقلمة الطائفية، فحواها أن مجتمع صنعاء ليس آيلاً كسواه من مدن الأطراف للتجنيد بحفنة ريالات ولا بالمليارات، وما عجز العدو عن انتزاعه منه من تأشيرة مرور إلى صنعاء خلال عامين ونصف العام، فلن يظفر به خلال فعالية يوم واحد..
لقد انقلبت مساعي العدوان من ارتكاب مجزرة الصالة الكبرى العام الفائت، إلى الضد مما خطط له، وازداد الصف الوطني المناهض له تماسكاً، وهذا هو ما ستؤول إليه مساعيه اليوم على اختلاف تمظهراتها.
إن المخاوف التي تنتاب الشارع اليوم أولاً وأخيراً هي إيجابية لجهة إحساس الشارع في مناطق سيطرة الجيش واللجان، بأن لديه ما يخاف عليه، وما دمنا سنكسب صنعاء ولا ريب آمنة مطمئنة صامدة، فإننا بذلك نكون قد كسبنا اليمن عموماً، فصنعاء أكثر مما كانت في السابق باتت تمثل الجينوم البشري اليمني بمختلف أطيافه الاجتماعية والسياسية.

أترك تعليقاً

التعليقات