محظيات (قرقاش)
 

رئيس التحرير - صلاح الدكاك

عمالقة الارتزاق أقزام
محظيات (قرقاش)

اندفع كل فصيل بين فصائل خلطة عملاء تحالف العدوان على نحو مسعور - الأسبوع الفائت - يضع يافطته حصراً على ملحمة (تحرير الحديدة)، قبل أن يطيح مقاتلو الجيش واللجان بهذه الأكذوبة الـ(جامبو)، ليرتد سباق التنافس المحموم على دعوى الحصرية تبادلاً للاتهامات بالخذلان والتآمرات البينية.
تغريدات (أنور قرقاش) حسمت خلاف الحصرية لـ(الإمارات) فرداً.. عَبَرَ (قرقاش) على أشلاء المئات من جثث المرتزقة المحليين التي فرش بها أكابر العمالة طريق المدرعات الإماراتية الزاحفة بشبق احتلال الحديدة، وداس بقسوة دعاوى العملاء، مقرراً أن (قواتنا وأبناءنا..) هم أصحاب الفضل الأوحد والريادة الخالصة في الملحمة المزعومة، وبهم (نفخر)، طبقاً لتغريدة الوزير الإماراتي، فهم - أي جنود بلاده- وحدهم عنوان (الشجاعة والبطولة والشرف)...
(عمالقة الجنوب) و(حراس عفاش) و(صقور تهامة) إذن ليسوا أكثر من نعاج رخيصة في مسلخ الاحتلال، ومطايا مبتذلة للاحتلال في اعتقاد (قرقاش) الذي تختزل فوقيته الطافحة من تغريداته ذهنية المحتل والغازي الأجنبي في علاقته بأدواته المحلية.
غير أن ذلك لم يكبح جماع الاتهامات المسعورة المتبادلة بين أدوات الاحتلال إثر انقشاع جعجعة الملحمة الأكذوبة عن غبار وهباء وزحار أجوف بلا ولادة ولا طحينَ تقدُّمٍ وازن على أرض الواقع.
صبي الجراج العفاشي (نبيل الصوفي)، وبعد أن تجاوز حدود الأدب مع (شرعية الرياض)، مسوقاً لـ(ديك وحيد في ملاحم الساحل الغربي اسمه طارق عفاش)، عاد -بأمر من سيده ذاته- مكتسياً ريش شقران ذليل، ومحاولاً تلطيف الأجواء في حظيرة العمالة المثخنة بخيبات ملحمتها.. قال صبي الجراج (لدينا عدو مشترك واحد هو الحوثي).. لكن مواقع إلكترونية تابعة لـ(هادي) أكدت أن باطن اعتذار (صبي طارق) مسعى خبيثاً فحواه بث الفرقة في أوساط الموالين لأراجوز الشرعية السعودية بتكليف من (طارق)..
وعلى المقلب المقابل، نقلت مواقع عفاشية أخباراً أعادت إلى الواجهة (عبدالمجيد الزنداني)، متهمةً إياه بتجنيد (آلاف الإرهابيين من مقر عمالته في إستانبول بتركيا)، وصبت جام خيباتها على الإصلاح الذي قالت إنه يتعمد تعطيل جبهة (نهم)، فيما لايزال مسلسل اغتيال خطباء إصلاحيين في عدن وتعز مستمراً، والمواجهات المسلحة بين مليشيات الإمارات من جهة ومليشيات الإصلاح محتدمة في المدينتين، وتجاوزتهما إلى محافظة الضالع التي شهدت اشتباكات عنيفة أسفرت عن عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، الأسبوع الفائت..
مرتزقة الجنوب يتمظهرون بوصفهم الحطب الأرخص والأكثر إثارة للشفقة، ففي معارك الساحل الغربي هم في صدارة القتلى والجرحى بوصفهم القوام البشري المحلي الأكبر للارتزاق، بينما يمثلون هامش ريع المكاسب السياسية التي يعد بها تحالف الاحتلال أدواته تغريراً، فلا (الجنوب) أصبح دولة مستقلة، ولا (الحراك الانتقالي) هو صاحب الكلمة الأولى في إدارة عدن بالحد الأدنى، عوضاً عن إدارة محافظات الجنوب الأخرى التي تتقاسمها نخب العنف المسلحة الرسمية وغير الرسمية المتخلقة على أيدي دول التحالف، لاسيما الإمارات..
يدرك معظم الجنوبيين الموالين للتحالف أنه لا طائل من الانخراط في المحارق المحتدمة في الحد الشمالي والساحل الغربي، إلا أن قياداتهم الحراكية المستخدمة كأقنان في غرف تحالف العدوان، لا تمتلك قدرة إبداء الامتعاض إزاء قرارات مشغليها بالأجر اليومي وبالسخرة حتى في سريرتها، ويوماً فيوماً تتضاعف الشقة بينها وبين من عولوا عليها وكانوا بمثابة رافعة جماهيرية منحتها شرعيتها ووزنها في الشارع الجنوبي، وتجد هذه الجماهير المغلوبة على أمرها، نفسها عرضة للاستقطابات والاستثمار بالتدوير في ملعب صراعات دول التحالف بلا نهاية، في مناخ من فوضى الاختلالات الأمنية العاصفة والمتعمدة، والتردي المعيشي والخدمي، بالتوازي مع النهب الممنهج لثروات الجنوب المحتل، وتثبيت السيطرة على مفاصله الحيوية، وتجريف ملامحه الطبيعية والاجتماعية من قبل المحتلين بلا استثناء.
ما من جنوب بدولة مستقلة سينجم عن تغريرات الاحتلال للسذج والعملاء، وما من قضية جنوبية ستظل في يد أبنائه، وإن كدعوى مستقبلاً... تدوير اللحم الجنوبي الرخيص في العدوان على اليمن الكبير وقواه الوطنية، لن يفضي في حال تحققت أهداف العدو منه إلى جنوب مستقل، بل إلى خارطة يمنية مندثرة وممزقة ومحتربة.. الزحف لاحتلال الحديدة إن جرى وفق تقديرات العدو، سيعني فرض مشروع الأقاليم الستة برؤيتها الأمريكية البريطانية القذرة كأمر واقع، في حين أن هزيمة القوى الوطنية المناهضة والمقارعة لتحالف العدوان والاحتلال، ستعني فقدان كل القوى الأخرى جنوباً وشمالاً كل وزن وقيمة وشرعية وجود لجهة هيمنة كرابيج دويلات الاحتلال الخليجي القائمة بأمر أمريكا وبريطانيا، وحينها ستسيل دماء الحضيض الشعبي بلا منتهى وبلا ثمن يترتب عليها لا لجهة مشروع وطني جامع وكبير، ولا حتى لجهة أطماع فئوية جهوية صغيرة ومبتذلة!
الدم اليوم من رأس اليمني جنوبياً كان أو شمالياً، والحجر كذلك من الأرض اليمنية، وأما المآل فلتحالف الاحتلال الملون الذي لا صلة له بلون دمنا كيمنيين، ولا بآمالنا وطموحاتنا، وأما رهان النجاة الوحيد من هذا المآل فتدوير كل الغضب والمظلوميات والعرق والدم في خنادق مجابهة الاحتلال كسبيل لوجود وطني مقتدر ووازن ومتنوع يستفرغه عملاء وأدوات المشروع الاستعماري اليوم في أقبية الهباء نظير فتات الدراهم والريالات، غير عابئين بجنوب ولا بشمال ولا بوسط، عدا هز الأطراف والأرداف تبعاً لشهوات شيوخ النفط الفاجرة.

أترك تعليقاً

التعليقات