رئيس التحرير - صلاح الدكاك

صلاح الدكاك / لا ميديا -

إن حبنا لسيد الثورة يعادل كراهيتنا للطواغيت والجبابرة، وانحيازنا للمسحوقين والمستضعفين... يعادل عشقنا وتوقنا للانعتاق من أكبال الهيمنة والوصاية.  لذا فإنه حب يكبر مع كل شبر ننتزعه بقيادته من أشداق وإقطاعيات  قوى الاستكبار والامبريالية ومصاصي دماء الشعوب (من علي محسن الأحمر وبيادق الوصاية المحلية إلى سلمان وزايد وبيادق الوصاية الإقليمية وصولاً إلى ترامب وجونسون ونتنياهو  وأوثان وشياطين الوصاية الكونية الكبرى...).
إنه لعمري حب باهظ الكلفة على كواهل المحبين من أمثالنا. باهظ الكلفة سلباً بمعايير وحسابات بورصات العرض والطلب والتكسب بمسح الأجواخ وطأطأة الرؤوس والانبطاح على عتبات كبار اللصوص والقارونات و"طوال العمر" نظير قصعة ثريد وصرة دولارات...
إنه حب يجعل المحب يرفع رأسه للأعلى للأعلى ليدعك بغرته أفنان بواسق الثرى ونجوم ونيازك الثريا، ويخلع كل أحمال الأنانيات الدنيوية كشرط من شروط هذا الحب ومصداق من مصاديقه...
حب يقرب معه المحب رأسه قرباناً لأواصر المحبة والقضية والقيم المشتركة بينه وبين من يحب، لذا فهو بالنقيض تماماً لدعاوى الحب المتكسب الذي يدحرج معه الدعي المرتزق رأسه تحت أقدام الطغاة والقوارين وأرباب السوق كبهلوان يستفرغ كل رفعة ونخوة إنسانية وكل مزية من مزايا الذات الآدمية المكرمة ليرفد بها رصيد شهوة الكروش الفاجرة وشبقها للانتفاخ على حساب كل القيم والقضايا...
إن اليد التي تذود عن رؤوس شعبنا، أطفالاً ونساء وشيوخاً وعمالاً وفلاحين، جنازير الدهس والتعبيد الكونية هي جديرة بالتقبيل تماما، كما هي اليد التي توسد التراب والبشر لشهوات القتلة والمحتلين والغزاة الكونيين وآلة عدوانهم جديرة بالمقت والبتر.
إن حبنا لسيد الثورة ليس تزلفاً لمقرفص على عرش قوائمه أضلاعنا وعمودنا الفقري، بل هو على النقيض من ذلك، تماهٍ في ذات تختزل مثلنا العليا الإنسانية التي لطالما امتد بنا الزمان ونحن نحلم أن تتمظهر منظورة في صورة إنسان لنيمم صوبه جباهاً مشرئبة.. وكان تمظهرها قبل سيد الثورة ضرباً من مستحيلات الواقع الخانع، ساسةً وأحزاباً ونخباً ثقافية وحكماً ومعارضة، فكيف نحبس علائم الشغف والوله حين يتبدى مستحيل واقعنا ممكناً وسيد أحلامنا بشراً سوياً؟!
إن الرأس التي رفعت سقف سمائنا الوطنية والقومية والإنسانية الخفيضة جديرة بالتقبيل والإكبار، لأن تقبيلها يجعلنا نسمو فوق ما نحن عليه من سمو، وتزداد أطوال قاماتنا أطوالاً، ونحن اليمانين كذلك اليوم حقاً، ومن لا يستشعر في نفسه زهو اللحظة اليمانية الفارقة فهو أرمل ثكلت في الطغاة الساقطين بعلها، وحاجب فقد مزايا الحجابة على أبوابهم، وبهلوان لم يعد يعثر على بلاط يتمسح فوق مرمره نظير الدنانير والحظوة الذليلة واستفراغ الآدمية.
إن مذهبنا الوجداني هو مذهب الحلاج حيث "ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم"، بفارق أنه دم يزهر حريةً للمسحوقين واستقلالاً ينبت ويبرعم ويبسق على ردم عروش الطغاة والجبابرة التي تقوضها أقدام العشاق والمحبين جهاداً في سبيل الله والإنسانية جمعاء...
علامَ يحسدنا الحاسدون ويلومنا اللائمون -إذن- في حبٍّ أيسر السبل إليه وعر، وآمن دروبه مهلك، وأقصرها خنادق مدروزة بالحَين والحتوف؟! علامَ نُشنأ في غرام كله غرم بحساب مخيلات الشانئين؟!
أجل، نوالي سيد الكهف، فاهنؤوا بعتبات أرباب القصور.
أجل، نوالي سبط علي عليه السلام، فاعكفوا تحت أقدام العاكفين تحت أقدام إيفانكا ونتنياهو.
أجل، نحن حجيج الكهف وشيعة صاحبه، يا حجيج المواخير الوهابية ومطايا نياق واشنطن وغلمان البيت الأبيض وشيوخ الروث والقار والسخام ومجارير النفط. أجل، نحن سادة الوجود بسيد الثورة، وأنتم عبيد لعبيد أوثان السوق المعولمة، ولكم دينكم ولنا ديننا، والله ولينا ولا مولى لكم سوى الدنانير والسياط والجزرة والعصا وسرج السائس ومهماز الحوذي...

إلى سيد الثورة، السيد العلم أبي جبريل، معارضة للبيتين اللذين استشهد بهما في خطابه الأخير...

قال عروة بن الشوك:
- نوالي أبا جبريل ما الدهر دائرٌ
رخاءً وشحاً سمحُهُ ومقيتُهُ
- موالاة زهر الشمس دورة ضوئها
وخَيَّالِ برقٍ في السماوات قوْتُهُ
- فلا كأبي جبريل في السِّلم والوغى
يُهابُ ويُخشى قولهُ وسكوتُهُ
- ولم أدرِ ما الكرارُ شأناً وسيرةً
إلى أن تجلت في ابن بدرٍ نعوْتُهُ
- به وَصَل الرحمنُ ما انْبتَّ من هدى
ومن رحْم دين طال دهراً سبوْتُهُ
- عزيزٌ عليه ما عنِتنا مُواصلٌ
حفيٌّ بشملٍ عزَّ جمعاً شتيتُهُ
ـ أحال خنوع الحال وثباً وهمةً
ومعراج مجدٍ يصعق الكون صيتُهُ
- مضى داحراً عدوان دنيا بمعشرٍ
حفاةٍ يغاديها الطوى فتبيتُهُ
- طوى عصر أمريكا بأخمص فتيةٍ
هوى تحتها فيل الخليج وحوْتُهُ
- خوافق قرآنية النبض حيةٍ
ومن يحيَ بالقرآن من ذا يميتُهُ؟!
* * *
- أتيناك يا ابن البدر طوعاً وغبطةً
بودٍّ قديمٍ صحَّ منا ثبوتُهُ
ومن صدَّ يبغي البغي هذي رماحنا
ومن فات فالسُّمرُ القنا لا تفوتُهُ
* * *
  صــــلاح الدكـــاك
2019

أترك تعليقاً

التعليقات