رسالة تذكير
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم يحيى / لا ميديا -
المسألة كلها قد لا تتجاوز 15 دقيقة أو أقل؛ حتى يتحول معظم سكان صنعاء إلى مخلوقات تتغذى على البترول، فترى كل من حولك يبحثون وينقبون ويدخلون الطوابير في سبيل الحصول على 40 لتراً من الذهب الأسود.. وكأننا أمام معركة حياة أو موت.
قبل يومين خرجت من البيت في مشوار بسيط، ومررت بجانب إحدى المحطات البترولية، كانت تخلو من السيارات باستثناء سيارة واحدة أو سيارتين بالكثير، يعني كان الوضع طبيعياً جداً والدنيا سلامات.
ثم عدت بعد عشر دقائق من نفس الشارع لأتفاجأ بانقلاب الوضع 180 درجة، فقد ظهر من العدم طابور طويل جداً من السيارات باتجاه المحطة، وسرعان ما تكونت زحمة مرورية خانقة وصلت إلى قطع الشارع لمدة لا بأس بها.
في تلك اللحظة أيقنت أن الشعب اليمني يتمتع بأقوى حاسة شم في العالم، حيث يمكنه أن يشم رائحة الأزمة قبل أن يشمها مدير شركة النفط نفسه كان التوتر والقلق يسيطران على الأجواء، والجميع في الطابور ينتظر دوره ويدعو الله أن يصل للمحطة قبل نفاد الكمية، ما عدا نوع معين من السائقين الهمج الذين لا يستخدمون تقنية الدعاء.
فهؤلاء لا يرون أمامهم محطة بترول عادية، بل يرون ثكنة عسكرية للعدو يجب اقتحامها بأي ثمن، وبالفعل يتعاملون مع الوضع كأنهم في الجبهة..!
كل العجائب والغرائب تجدونها في طوابير السيارات، وخصوصاً في اللحظات الأولى للأزمة، حيث يكون الأدرينالين مرتفعاً أكثر والتوتر على أشده.
وفي الحقيقة لو تعاملنا مع الموضوع بهدوء وبمنطق سليم لوجدنا أن البترول لم ينعدم إلى تلك الدرجة، وإذا اكتفى كل شخص بالحد المعقول فسيحصل البقية على حاجتهم، ولو لمدة معينة من الوقت.
أما أن نتهافت على البترول وكأنه “أكسجين” فهذا تصرف خاطئ، ويساعد تحالف العدوان على تحقيق مساعيه الخبيثة، والتي نختزلها كلها في “زيادة معاناة الشعب اليمني”.
المهم.. قضينا فترة من الراحة بدون أزمات وطوابير، وذلك بفضل الله وعمليات كسر الحصار التي أخضعت العدو وجعلته يطالب بالهدنة ويصر على تمديدها كل مرة، واليوم شعبنا العظيم يعود إلى الكشوفات والمساربة من جديد.
ربما نسي المهفوف منظر السحب الدخانية التي غطت سماء جدة، فابن آدم بطبيعته كثير النسيان، لذلك نرجو من رجال الرجال في القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير أن يعيدوا له تلك الذكريات المؤلمة من جديد.
وبالتأكيد لا يوجد شيء يسمى “هدنة” في ظل احتجاز سفن المشتقات النفطية وتشديد الحصار، ناهيكم عن الخروقات العسكرية التي لا تُحصى، ولذلك فليكن المهفوف السعودي والعجوز الأمريكي على يقين بأن ردة الفعل اليمانية.. لن تعجبهما أبداً.

أترك تعليقاً

التعليقات