مش عيال ناس..!
 

ابراهيم الوشلي

إبراهيم الوشلي / لا ميديا -

هنا في اليمن عندما يحدث شجار فإن أول شيء بديهي يفعله الطرفان هو تبادل الاتهام بعدم الرجولة مع بعض الألفاظ السوقية الشوارعية، ثم يؤكد كل منهما أنه رجل معجون على الخشونة من قبل أن يخرج الآخر إلى الحياة.
أتذكر في طفولتي أنني تشاجرت مع أحد أطفال حارتنا، وأثناء المشادة الكلامية أخبرته أنه ليس رجلاً ولا علاقة تربطه بالرجولة، فرد بثقة واستحقار: «أنا رجّال من قبل ما تولد يا...».
عجيب.. برغم أنه كان أصغر مني بعام ونصف، وأن كلينا كنا طفلين.. لكنه ظل يقسم بالله إنه رجل من قبل أن تلدني أمي، ولا أعرف السر وراء هذه المعجزة الخارقة للعادة، إلا أنه كان رجلاً بكل تأكيد، ورجلاً «قليل أدب» أيضاً.
يبدو أن هذا الرد أصبح فناً من فنون الدفاع عن النفس، ويستخدم في كل موقف، فقبل فترة رأيت شاباً يأكل كيساً من الموز بشراهة ويرمي القشر وسط الشارع، فأخبرته بلطافة وذوق أن هذا التصرف غير محترم ولا يليق بأبناء الناس.
فإذا به ينظر نحوي غاضباً وهو يصيح: «أنا محترم وابن ناس من قبل ما تولد يا...»، وشتائم كثيرة طبعاً.
عجيب والله.. أرجو أن يخبرني أحدكم لماذا كل الناس محترمون وشجعان وأبطال من قبل أن أولد، هل يعقل أنني ولدت متأخراً إلى هذه الدرجة؟!...
المهم.. دعونا نتفق على أن هذا الرد مخصص للدفاع عن النفس، وعادة ما يستخدمه المرء ليؤكد أنه رجل شهم أو محترم أو نحو ذلك، وبالتأكيد لا يمكنك استخدامه إن لم تكن محترماً.
قبل أيام عندما كشف العميد سريع عن تلك الوثائق (العفاشية الإخوانية الصهيونية) تفاجأت كثيراً، ولكي لا يساء فهمي فأنا لم أتفاجأ بأنهم عملاء لتل أبيب، بل تفاجأت لأنهم عملاء من قبل أن أولد..!
أنا ولدت في نهاية شهر يوليو 1996م، والعميد سريع تحدث عن أن زيارة لوفد الكنيست «الإسرائيلي» إلى صنعاء كانت في مطلع مارس من العام نفسه، أي أن «علي عفاش» مطبع وعميل وخائن من قبل أن أولد بـ4 أشهر فعلياً.
طبعاً الزيارات المتبادلة بين السلطة العميلة والكيان الصهيوني كثيرة جداً، ومنها زيارات مستشار وزير الخارجية الإسرائيلي «بروس كاشدان» إلى صنعاء منتصف العقد الماضي، ولقاءاته مع قيادات عسكرية وأمنية من أقرباء عفاش.
وقبلها اللقاء الفاضح الذي جمع بين عفاش والرئيس الإسرائيلي «فايتمان»، ثم اللقاءات بين الجنرال العجوز علي محسن ومسؤولين إسرائيليين.
طبعاً خيانة قضية الأمة المركزية والانبطاح المخزي للصهاينة كان يتم بمسميات منمقة مثل تطوير الاستثمار التجاري والاقتصادي، بينما الواقع القبيح أنهم كانوا يسعون لتسليم الممر المائي الاستراتيجي لكيان الاحتلال.. ومازالوا يسعون حتى اليوم.
ناهيك عن الحروب الشرسة التي شنها النظام المجرم على صعدة السلام بالتزامن مع استقبال مسؤولين صهاينة وفرش الورود لهم في صنعاء.
يبدو أنني سأدخل في مشاجرات عنيفة مع العفافيش والإخوان خلال الفترة المقبلة، وأقول لهم من الآن.. لا يحق لكم أن تدافعوا عن أنفسكم بعبارتنا المعروفة تلك، فهي خاصة بالرجال والمحترمين وعيال الناس، بينما المطبعون ليسوا عيال ناس.
إذا كنت عفاشياً وأردت التنمر عليّ فيمكنك أن تقول مثلاً: «أنا خائن ومنبطح من قبل ما تولد يا...».
أو في حالة أخرى: «أنا مطبع ويهودي مزنر من قبل ما تولد يا...».
سنتفاهم لاحقاً بخصوص شتائمكم التي لا تعبر عن عيال الناس.. المهم لا نريد مغالطات.

أترك تعليقاً

التعليقات