صفوة الخلق
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -

لو كان الأبطال ينوون التوقف عند تحرير المحافظات الشمالية لانتهى العدوان(المباشر) على المناطق الواقعة تحت سيطرة سلطة الإنقاذ منذ عامين حين عرض تحالف الشر على الأنصار دعمهم والاعتراف بهم كسلطة حاكمة للمحافظات الشمالية ورفع الحصار مقابل غض الطرف عن المحافظات الجنوبية (حدث ذلك عندما فقد تحالف الظلام الأمل من احتلال الحديدة والساحل الغربي رغم أنهم حشدوا قوة تكفي لاحتلال 10 دول)، فأجاب الأنصار آنذاك عن طريق ناطقهم الرسمي محمد عبدالسلام بن فليتة، أثناء لقائه في مسقط سفير بريطانيا في اليمن، بأن المال والسلطة ليسا غايتهم، وتحرير الوطن مبدأ واحد لا يتجزأ، ولن يهدأ للأنصار بال طالما وإخوانهم في المحافظات الجنوبية يعانون ويلات الاحتلال، وفعلا هذه هي الحقيقة التي لاحظناها من خلال الواقع، فدائما هم سباقون للتضحية، وغالبا ما يشركون غيرهم بشرف التضحيات رغم أنها حصرية عليهم، لاحظوا مثلا لا حصرا في أخبار الإعلام الحربي دائما ما ينسبون النصر للجيش واللجان، بينما نعرف تماما أين هو الجيش (باستثناء المنتمين منهم إلى المسيرة كالملصي ورفاقه)، ونعرف من يذودون بأرواحهم في سبيل الله وفداء لهذا الوطن، وأيضا نراهم مترفعين عن السلطة، فمثلا عند تشكيل حكومة الإنقاذ اكتفى الأنصار بأقل من ثلث الحقائب، بينما كان بإمكانهم الاستيلاء على ثلاثة أرباعها على الأقل، كما نلاحظ دائما عروض الأنصار حقناً للدماء وإقامة للحجة قبل خوض أية معركة عسكرية مع الخونة ودعاة الفتنة، ومنها ما عرضوه على العكيمي قبل اقتحام الجوف بالإبقاء عليه محافظا للمحافظة مقابل التسليم، وهو نفس العرض القائم للعرادة، وفي الحوارات الثلاثة لم يكن لهم طلبات من تحت الطاولة كما كان لبقية المكونات، حيث طالب البعض في الغرف المغلقة بإلغاء العقوبات الشخصية وإطلاق الأرصدة المجمدة ومصالح شخصية وحزبية باعوا بها وطناً بأكمله، وأكد الأنصار في كل الحوارات أنهم مستعدون لتقديم تنازلات كثيرة، خاصة بنسبتهم في أية حكومة توافقية وأي امتيازات أخرى، لكنهم لن يتنازلوا عن استقلال الوطن، وهذا ما أكد عليه سيد الثورة رضوان الله عليه في خطابه الاخير الذي قال فيه إن «الاستقلال الذي ينشده اليمنيون هو الاستقلال الكامل الذي لا تبعية فيه لأية دولة»، وهو مطلب حق شرعي وقانوني لا تنازل عنه مهما كلفنا ذلك.
ولهذا استمر العدوان طوال هذه الفترة، لأنه واجه من لا يمكن شراؤه ولا إركاعه ولا إخضاعه، فلا أجدت جزرتهم نفعا ولا أغنى عنهم مالهم، ولا نجحت عصاهم في إخضاع صفوة الخلق.
ومع هذا الصمود الشريف والانتصارات النوعية وصلنا بفضل الله عز وجل إلى بداية النهاية لهذا العدوان الكوني البشع، والنصر قادم لا محالة بإذن الله، وعندها تعود أمجاد البلدة الطيبة بما فيها من خير وبما فينا من إيمان وبأس وقوة.

أترك تعليقاً

التعليقات