التفتوا إلى العظماء
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
لو سألنا أي يمني حر: ما هي أكثر الفئات اليمنية التي تستحق التمييز والعناية والرعاية والاهتمام البالغ أكثر من غيرهم؟ لأجاب على الفور بأنهم المجاهدون المرابطون في الجبهات، والأسرى والجرحى وأسر الشهداء. ولو سألنا أيضاً عن أكثرها معاناة وعوزاً واحتياجا لحصلنا على الإجابة نفسها، وهذه مفارقة عجيبة ولا يجب أن تحدث مهما كانت الأسباب.
عموماً، لا يخفى على أحد أننا تمكنا من دحر وصد ومقاومة أبشع عدوان كوني عرفته البشرية. ولو لم يحدث هذا، لا قدر الله، لكنا اليوم نعيش في ظل الاحتلال القبيح، ونعلم جيداً ما الذي يحدث في المناطق المحتلة، سواء في إطار ممارسة أبشع أنواع الانتهاكات بحق المواطنين أو في إطار نهب الثروة والاستحواذ على أهم المناطق الجغرافية الاستراتيجية.
وما نحن فيه وما ستؤول إليه الأمور بعد أن نتمكن من إلغاء التبعية، وينال اليمن حريته واستقلاله بإذن الله، ومآلات ذلك من الخير الوفير والعزة والكرامة والنهضة والتنمية والتطور والبناء، فما ذلك إلا بفضل الله عز وجل ثم بفضل القيادة الحكيمة والمجاهدين والمخلصين.
فكيف يمكن أن نهمل من صنع، بفضل الله عز وجل، هذه العظمة وهذه النقطة المفصلية في التاريخ المعاصر، ومن جعل من اليمن النموذج العربي الأول للاستقلال والتحرر من سياسة الهيمنة والاستكبار؟!
وبالتأكيد، هذا الإهمال ليس متعمدا، وله أسبابه. وبمعرفة أهم وأبرز هذه الأسباب والإلمام بها سنعرف العلاج الفعال، فالتشخيص أهم مرحلة للوصول إلى التعافي، وأبرز الأسباب هي:
1 - عدم وجود إيرادات ومصادر دخل تغطي النفقات اللازمة (العجز المالي).
2 - سوء الإدارة، وهذا بسبب عدم انتقاء القائمين والمعنيين برعاية هذه الفئات وفق المعايير الإدارية الصحيحة، وإنما تم اختيارهم وفق المحسوبية والولاءات والمعرفة والوساطات.
وبعد الاطلاع على الأسباب تتضح الرؤية أكثر ويسهل وضع الحلول والمعالجات، ومنها - على سبيل المثال لا الحصر:
1 - إنشاء صندوق خاص بالرعاية والعناية بالمجاهدين المرابطين في الجبهات والجرحى والأسرى وأسر الشهداء، وهذا الصندوق سيكون له مصادر إيرادية لتغذية حساب الصندوق على غرار بقية الصناديق على ألا يديره أو يسيطر عليه هوامير الفساد وجبابرة الظلم وعتاولة الفشل، حتى لا يتعرض لما تعرض له صندوق المعلم مثلاً، علماً بأن صرف بدل انتقال للمعلمين كان من أهم الخطوات التي ستزيد شعبية الأنصار بشكل كبير جداً (كما بدؤوا)؛ إلا أن من يسعى لإفشالهم وتشويههم تمكن من إحباط وإفشال الموضوع بحجة تصحيح الكشوفات، ثم المماطلة والتسويف، إلى أن انتهى العام وانتهت معه فرصة عظيمة لخدمة إحدى أهم وأكبر فئات المجتمع، ومع كل فرصة تضيع يزداد سخط المجتمع وتزداد معه نسبة عدم الرضا المجتمعي، وهذا هو الهدف الذي يسعى العدوان للوصول إليه عبر أدواته الداخلية والخارجية.
2 - تنفيذ القرارات التي ذهبت أدراج الرياح، والتي تم اتخاذها سابقاً بصرف قطعتي أرض لكل أسرة شهيد، ويعدل القرار بإضافة المرابطين والجرحى والأسرى؛ علماً بأن الخونة وبائعي الوطن وأحقر فئات المجتمع حصلوا على صرف أراضي ومزارع لا حصر لها، فمن الأولى برأيكم؟!
3 - حصول المجاهدين والجرحى والأسرى وأسرهم وأسر الشهداء على امتيازات في مجالات التعليم والصحة، ولهم الأولوية في كل الخدمات الأساسية.
الحلول كثيرة جداً، وهي حسب الممكن والمتاح، وليست من المستحيلات أو ضرباً من الخيال. فقط المطلوب إصلاح النوايا، فإذا صلحت النوايا صلحت الأعمال.

أترك تعليقاً

التعليقات