كفوا أذاكم عن فلسطين واليمن
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
عندما تمر سفينة نفط في منطقة تم التحذير منها ولا تستجيب للاتصالات والنداءات وكأنها فرقاطة عسكرية أو بارجة مقاتلة أو حتى سفينة حربية مع أن عود ثقاب يمكن أن يحدث فيها ضررا بالغا، باعتبارها تحمل مادة سريعة الاشتعال، فما الذي يجعل قبطان السفينة يجازف بهذا الشكل ويتجاهل كل النداءات؟ وهو يرى كل السفن التجارية التزمت بالنداءات والتحذيرات وسفنهم تحمل حاويات أو بضائع من أي نوع، بينما التي تحمل النفط تجاهلت الأمر وكأن المطلوب هو استهدافها.
الموضوع فيه شيء، فقد يكون مؤامرة أو كمينا للسفينة نفسها أو لخلق عذر لتحالف دولي، لاسيما وأن سفينة النفط تابعة لدولة ليس لها تاريخ عدائي ضد اليمن أو فلسطين، لكن قبطانها تغاضى عن كل النداءات والتحذيرات وكأن مهمته تقتضي جعلنا نستهدف السفينة.
فيكون هذا مبررا لتحالف دولي، باعتبار أن كثيرا من دول المنطقة رفضت الانخراط في هذا الأمر لسببين، الأول، هو أن أمريكا في أهون وأضعف مراحلها ولم تعد قادرة على فرض كلمتها ورأيها وتوجهها على الجميع كما كانت، والثاني هو لمعرفتهم أن سفنهم تمر بكل سلام، بل إن اليمن كان طوال فترة العدوان صمام أمان الملاحة البحرية رغم كل أعمال القرصنة التي مارسها تحالف العدوان في احتجاز سفن الوقود لأكثر من عام في كثير من الأحيان ولأشهر عديدة غالبا رغم أنها حاصلة على الترخيص بعد تفتيشها.
أيضا الجميع يعلم أن اليمن بات بفضل الله عز وجل يمتلك سلاح ردع قويا وقد فشلت أحدث منظومات الدفاع في التصدي والاعتراض لطيرانه المسير وصواريخه الباليستية والمجنحة.
ولا أحد يريد أن يجازف بالهجوم على بلد لم يلق منه أي شر ولا يشكل عليه أي خطر، لاسيما في ظل وجود السيد القائد وقد عرف الجميع أنه صادق القول والوعد وأنه قائد مستقل بقراره ويده خفيفة على الزناد ولديه الجرأة والشجاعة والحكمة لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، ولا يهمنا تحالفاتهم وسبق أن واجهناهم ومازلنا نواجههم.
وبالنسبة لنا فكل عملية تنفذها القوات المسلحة اليمنية هي موضع شرف كبير، وقرارات قيادتنا محور التفاف شعبي واسع النطاق، وقد بات التأييد عربيا ثم إسلاميا ثم عالميا واسع النطاق، باعتباره موقف إنسانيا، وليس ابتزازا أو قرصنة كما يحاول البعض وصفها، بل على العكس تماما، موقف اليمن يعبر عن قمة الإيثار، حيث لم تتخذه من أجل وقف أبشع وأطول تحالف عدوان كوني شهدته البشرية، بل استخدمته من أجل القضية الفلسطينية.
ومهما كانت المؤامرات والحيل بشأن خط الملاحة الدولي فإن موقفنا واضح جدا، ففي البداية تم إيقاف السفن التابعة للكيان الصهيوني أو التابعة لصهاينة، ثم تطور الأمر لإيقاف كل السفن المتجهة إلى الكيان بغض النظر عن جنسيتها.
وكما أن الموقف واضح، فالمطلوب والمراد والغاية والهدف أيضا واضح، وهو إدخال جميع المساعدات إلى غزة دون شرط ووقف العدوان والمجازر والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق إخواننا الفلسطينيين.. فلماذا كل هذه الدربكة والجنون والتخبط والحيل والتكتلات والأحلاف، وفي الأخير لن تستطيعوا فعل شيء؟
رغم أن الاستجابة لطلبات اليمن المشروعة والقانونية هي في حقيقة الأمر تعتبر بمثابة التوقف عن انتهاك القوانين، ووقف المجازر تعني وقف انتهاك القانون وارتكاب جرائم حرب بحق الإنسانية، وأدخلوا المساعدات معناها أوقفوا اختراقكم للقوانين في الحقوق بما فيها قوانين الحرب نفسها.. فلماذا الصلف؟
أعتقد أن الأمر متعلق بانكسار وسقوط هيبة وهيلمان ليس الكيان الصهيوني فقط وإنما لمحور الشر والظلام العالمي كله بزعامة أمريكا وبريطانيا وحلفائهم وأتباعهم وأذيالهم.
ليس هذا فقط وإنما هناك خزي كبير، حيث إن من أسقط هيبتهم وكسر شوكتهم ونكس رايتهم هو اليمن الفقير والمُحارب منذ تسعة أعوام والذي تم تهيئته منذ عقود ليكون ضمن تابعي التابعين وحديقة خلفية للأذيال من خلال عمليات الإفقار والتجهيل الممنهجة وتمكين سلطة تابعة وخانعة لأدوات الأدوات.. فكيف يمكن أن يحدث هذا الشيء؟ وما هي الأسباب؟ وما هي الحلول؟
ولهذا نلحظ تخبطا واضحا جدا وارتباكا مشهودا، بل إننا شهدنا تحفظا أمريكيا بحق الرد، وشكوى صهيونية مرفوعة في مجلس الأمن، وكأن الموازين انقلبت رأسا على عقب وليس فقط تغيرت.
وفي كل طارئ جديد يتم تكليف وتشغيل أكبر مراكز دراسات، ونخبة من الباحثين لتحليل ما حدث والرفع بالنتائج والتوصيات.
ولو أنهم وفروا على أنفسهم كل هذا وأزاحوا من أمام أعينهم الكبر والغرور الزائف لشاهدوا الحلول أمامهم بكل بساطة، ولكان السلام هو الأقرب ولما حدث كل هذا.
أعماكم الله فلا فادتكم مراكز الدراسات، ولا تمكنتم من الخروج من النفق المظلم الذي أقحمتم أنفسكم فيه، ولا تمكنتم من الحفاظ على هيلمانكم الزائف ولا تلافيتم ردات فعل اليمن، ولا عرفتم كيفية إطفاء غضب الأحرار، ولا استطعتم تجنب الخسائر المادية والمعنوية، وكأنكم مجموعة من فاقدي العقول وممن لا يسمعون ولا يبصرون.
انظروا إلى اليمن واقتدوا به واحذوا حذوه في سبيل نيل الحرية والاستقلال، ومقارعة قوى الشر والظلم والهيمنة والاستكبار.
وفي الختام، يبدو أن الغاية والحكمة من خلق اليمانيين هي تنكيس جبابرة وعتاولة وسلاطين الشر والظلام في كل العصور.

أترك تعليقاً

التعليقات