خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
العدوان الكوني المهزوم عسكرياً يسعى لإسقاط الأنصار من الداخل، عبر إثارة سخط المجتمع ضدهم بعد إفشالهم وتشويههم.
وقد استخدم عدة طرق للوصول إلى الهدف، منها مثلاً الإشاعات والحرب الإعلامية؛ لكن ذلك لم يجدي نفعاً؛ لأن الكثير من الناشطين المخلصين تصدوا لهذه الحملات ودحضوا كل الأكاذيب والافتراءات بالمنطق والدليل والحجة.
ولأن الأفكار منبعها تحالف الشر والظلام العالمي فقد كانت أخبث الأفكار، حيث استخدموا وسائل تمس المواطنين بشكل مباشر، منها ما ينفذه البعض عن قصد ودراية بأن ذلك يخدم العدوان، ومنها ما ينفذونه بغرض التكسب الشخصي، ومنها ما ينفذ باعتباره خطوات تصحيحية لازمة، فمثلا لا شك إطلاقا بأن رئيسي هيئتي الأوقاف والأراضي من المؤمنين المخلصين والصادقين، وكل إجراءاتهما وتوجيهاتهما نابعة من حرصهما الشديد على حق الله وحق الدولة؛ إلا أن مستشاري السوء كان لهم دورهم الخبيث، ولربما يتضح فيما بعد أن هؤلاء المستشارين من أدوات العدوان الداخلية، أو أن مشوراتهم خبيثة بسبب الأحقاد أو لمصالح شخصية، وهذا ما ستكشفه وتحدده التحقيقات الأمنية، حيث قدم مستشارو السوء للهيئتين رؤى وأفكارا على أساس أنها خطوات تصحيحية يجب أن تتم فورا وأنها ستكون نجاحا قويا وباهرا في إطار استعادة أراضي الدولة، وأيضاً تعديل الرسوم المستحقة، كونها قليلة جدا ورمزية ولا تتوافق مع الأسعار السائدة وفق الزمان والمكان.
إلى هنا كان الموضوع يبدو جميلاً، وتصحيحاً مهماً بالفعل؛ لكن الذي حدث مختلف جداً عن المضمون الشكلي الذي تم تقديمه، فمثلاً قامت هيئة الأوقاف بمضاعفة الرسوم أضعافاً مضاعفة لتصل إلى أكثر من 400%، وقد وافق المواطنون مكرهين ومجبرين؛ إلا أن مستشاري السوء وبعض مدراء العموم زادوا الطين بلة، ففرضوا على كل مواطن دفع الرسوم الجديدة منذ تاريخ آخر تسديد وليس منذ مضاعفة الرسوم.
يعني كل مواطن فجأة يشوف نفسه متحملاً ديوناً للأوقاف بملايين. وعندما يذهب يراجع يقولون له: الآن أصبحت المعاملات إلكترونية وعبر "خدمة الجمهور"، حتى لا يحتك المعامل بالموظف، وطبعاً هذا شيء جميل، لأنه يحد من مسألة الابتزاز والرشاوى؛ لكن السم المدسوس في العسل هو أن المعاملات تتأخر جداً ولا يتم البت فيها بشكل عاجل، والمصيبة أن التظلمات لا يتم النظر فيها إلا بعد أن تدفع المبالغ المفروضة عليك (امتد وارجع شارع)، إجراءات جنونية تصيب أكبر شرائح المجتمع بالأذى الكبير دون أي مراعاة للوضع المعيشي الذي يعيشه المواطن في ظل العدوان وانقطاع المرتبات، ولم يراعوا أن المواطنين لديهم حقوق لدى الدولة ومنها المرتبات المنقطعة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2016 بسبب العدوان الغاشم، فكيف تريدون منهم سداد ما عليهم حتى لو كان باطلا أو جائرا، ولا تراعوا ظروفهم وصبرهم وثباتهم؟!
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى قاموا باستحداث رسوم للطرقات والمداخل، مع العلم أنه أولاً لا يحق لأي جهة فرض رسوم جديدة أو رفع رسوم سابقة إلا بقانون، وإذا رفعت أو استحدثت رسوم بشكل قانوني فلا يجب إطلاقا أن يشمل ذلك الفترة السابقة منذ تاريخ آخر سداد وإنما من تاريخ التعديل.
ولا أعتقد أبداً أن هذه المشورات الشيطانية ستمر دون أن يتنبه لخطرها المؤمن المخلص رئيس هيئة الأوقاف، ونثق تماماً بأنه من أكثر مسؤولي الدولة حرصا على الإنصاف والعدالة وسينتبه للنقاط المذكورة وغيرها، فالمؤمن يرى بنور الله عز وجل.
أما عن هيئة الأراضي فيعلم الله من قدم مشورة بأن هناك أحكاماً قديمة جداً تفصل بين متخاصمين من قبائل الحديدة وتحدد لهم أراضيهم، وما دون ذلك التحديد يعتبر ملكاً للدولة! شيء عجيب وغريب وغير منطقي أبداً، فأراضي الدولة تحدد من خلال الفصول والمسودات والبصائر وشهادة الأعيان والسجلات، وليس من خلال حكم محكمة قديم جداً وعمره مئات السنين، والمستجدات على أرض الواقع مختلفة تماماً وتعاقبت الأجيال على هذه المستجدات والناس عمروا واشتروا وباعوا منذ القدم بطريقة مختلفة، ولم يعتمدوا تلك الأحكام، حتى ما هو محكوم بأنه أرض خاصة بالقبائل لم يتم تنفيذه، فكيف تنفذ جزءاً والجزء الآخر غير منفذ ولم يعد للأسماء المذكورة أي وجود ولا أحد يعرفهم؟! ثم إن أرض الدولة تكون في مناطق متفرقة وليس إلى المنطقة الفلانية ملك القبائل وما بعد ذلك كله إلى حدود المحافظة الأخرى هو ملك الدولة، هذه "هوشلية" ولا علاقة لها بالعمل المرتب والمقونن، وهذا لن يمر إطلاقا على من سميته سابقا "ميسي الإنقاذ" (الدكتور هاشم الشامي)، أي أنه الكرت الرابح لحكومة الإنقاذ، نظراً لكفاءته، وبالتأكيد أنه لن يخطو خطوة واحدة دون تروٍّ ودراسة وتأنٍّ وتدقيق وفحص.
تخيلوا كم عدد المتضررين من هذه الخطوات والإجراءات الظالمة، وتخيلوا مدى السخط الشعبي ضد الأنصار والمسيرة بسببها! كل هذا بسبب المؤامرات التي تحاك من قبل أحزاب وشخصيات تعمل لصالح العدوان وتسعى لإثارة المجتمع وتشويه الأنصار وإفشالهم، بعدة طرق تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، ومنها ما يمس القوت اليومي للمواطن وجميع السلع والأساسيات التي يستخدمها المواطن في حياته اليومية، وكل ذلك يتم بعد إيهام الأنصار بأنها خطوات تصحيحية ضرورية ولازمة، وهنا وجب على الأمن الوقائي والإخوة في مكتب السيد القائد (حفظه الله) التنبه لهذا الموضوع والتحري بشأنه.
الخطوات التصحيحية يا هيئتي الأوقاف والأراضي هي أن تراجعوا العقود التي منحت سابقا للتجار والمسؤولين والمتنفذين تحت اسم الاستثمار، بينما لم يستثمروا شيئاً، وهنا وجب مصادرتها وإعادتها إلى ملك الدولة والأوقاف، وعدم منح أي عقد استثماري جديد إلا بعد إيداع 10% من إجمالي تكلفة المشروع في حساب الهيئة كضمان حسن تنفيذ يتم مصادرته بعد عام واحد في حال عدم تنفيذ المشروع مع منع بيعها أو التنازل عنها.
التصحيح أن تتوافق الرسوم مع الأسعار السائدة؛ لكن بما لا يثقل كاهل المواطن المنهك من العدوان منذ سبعة أعوام، وأيضاً مع مراعاة الفرق بين التأجير لتاجر والتأجير لمواطن، فالأول يستخدم ما يستأجره في التجارة، بينما الآخر يستخدمه للسكن الشخصي والفرق شاسع، مع ضرورة مراعاة تأجيل دفع الرسوم للمعسرين وعدم استخدام القوة المفرطة، وعدم إجبار من لا يملكون أي مصدر دخل ولا ثروات لهم وحالتهم فقيرة أو تحت المتوسطة.
التصحيح هو إعادة النظر في بعض مدراء فروع الهيئتين وانتقاء كادر يخاف الله ويعمل بإخلاص ولديه القدرة والكفاءة.
التصحيح هو الفرز الحقيقي المبني على أسس قانونية وصحيحة بما يضمن عدم التجني أو الظلم أو انتزاع ممتلكات خاصة.
التصحيح هو التحول إلى السجل العيني الذي سيحل جميع إشكاليات الأراضي والعقارات، والتي تشكل 85% من إجمالي المشاكل بين المواطنين وإعادة النظر في مسألة المراهق بما يضمن العدالة والإنصاف.
التصحيح هو تسهيل إجراءات المعاملات وسرعة البت فيها وتسوية الوضع المادي والوظيفي للموظفين ويكون لديهم أقل ما يسد رمقهم ما دمتم جهات إيرادية، حتى لا يضعفوا ويلجؤوا للسرقة والرشوة.
التصحيح هو كل إجراء يعكس مبادئ وقيم المسيرة القرآنية التي جاءت لإنصاف المظلومين وتحقيق العدالة وليس العكس.

أترك تعليقاً

التعليقات