«توازن الردع» تطيح بكورونا
 

خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -

مع إطلاق المرحلة الرابعة من «توازن الردع» لم أعد أسمع شيئاً عن الوفيات أو المصابين بوباء كورونا، وكنت أعتقد أن أخبار كورونا هي فقط التي لم تعد بنفس الزخم الإعلامي في اليمن بسبب الأحداث والتطورات الأخيرة، إلا أن أعداد الموتى والمصابين أيضاً لم تعد بنفس الكثافة وفق إحصائيات المستشفيات ولجان الرصد الوبائي، ما يعني أن كورونا لم يكن القاتل الأول والأخير لهذا الكم الهائل من البشر، وإنما هناك أسباب أخرى أدت إلى وفاتهم، وعلى رأسها «الخوف والرعب» الذي تسبب به التهويل الإعلامي المنظم والممنهج والمعزز بكم هائل من شائعات اتضح لاحقا أن لا أساس لها من الصحة، ليصل الوضع إلى نتائج كارثية، يأتي بعد ذلك «الأنانية» التي تعامل بها ملاك المستشفيات الخاصة التي أغلقت أبوابها في وجوه المرضى لمجرد تشابه أعراضهم مع أعراض الإصابة بفيروس كورونا، وأحياناً رفضوا استقبال الحالات الحرجة بغض النظر عن طبيعة المرض.
ثم جاء الإهمال الذي لمسناه من بعض الأطباء والممرضين، وهذا أيضاً متعلق بالسبب الأول، وهو الخوف والرعب الذي لازم الأطباء والممرضين أيضاً، وليس المرضى فقط، مما تسبب في عدم التعامل مع المرضى أياً كانت حالتهم المرضية، خوفا من احتمالية إصابتهم بفيروس كورونا وانتقال العدوى إليهم.
ثم إن تضارب المعلومات لعب دوراً كبيراً في تفاقم الوضع وزيادة عدد الوفيات، فهذا الدواء اليوم موصى به وغدا يحذرون من استخدامه في البروتوكول الدوائي، وكذلك هي المعلومات المتداولة بشأن الوباء، حيث لم تبق معلومة واحدة ثابتة حتى اليوم، وكل ما تم الإعلان عنه تم إلغاء صحته لاحقا.
وبالنسبة لنا في اليمن كنا على أحر من الجمر بانتظار استئناف عمليات استهداف العمق السعودي، وعندما تم تنفيذ المرحلة الرابعة لعملية توازن الردع نسينا كل ما يتعلق بكورونا وارتفعت معنوياتنا لتعانق عنان السماء، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في عدد الوفيات والمصابين، والسبب تسخير جل تفكيرنا ومشاعرنا نحو انتصار انتظرناه طويلا، وتخلصنا من ذلك الانهزام النفسي والإحباط الناتج عن التعرض لكم هائل من الإعلام السلبي بشكل يومي قد يتشابه ذلك مع الغضب العارم الذي اجتاح الشارع الأمريكي إبان الممارسة العنصرية القبيحة التي أودت بحياة فلوريد، فخرج الشعب إلى شوارع أمريكا بشكل غير مسبوق رغم الحجر الصحي المفروض.
وأنا هنا لا أنكر وجود الوباء أو أقلل من مدى خطورته، إلا أننا كنا ضحية تهويل إعلامي الغرض منه قتل أكبر عدد ممكن من البشر في إطار مواجهة الانفجار السكاني ومآرب أخرى، منها ما علمناه ومنها ما لم نعلمه.

أترك تعليقاً

التعليقات