خالد العراسي

خالد العراسي / لا ميديا -
البعض كان يعتقد أن نهاية صراعي مع أحد أقبح كبار الفاسدين ستكون كنهاية الأفلام، وسيتم تكريمي، أو على الأقل كف الضرر عني، بعد أن نكلوا بي شر تنكيل أثناء المعركة.
يا جماعة الخير، لا يوجد فاسد بمفرده، فهناك فئات معه وتلتف حوله والكثير يخدمونه، وعندما تواجه أي فاسد فأنت تواجه كل أعوانه وأحذيته، بالإضافة إلى داعميه من كبار النافذين، يعني تواجه جيشاً وليس شخصاً واحداً.
بلّغت كل المعنيين بالفساد المالي والإداري الجسيم والظلم؛ لكنهم لم يحركوا ساكناً. وأعددت برنامجاً تصحيحياً لضبط الإيرادات؛ لكنهم أيضاً لم ينفذوا منه خطوة واحدة؛ لأن التنفيذ سيغلق "حنفي" الفساد اليومي.
ذات مرة استدعاني أحد نواب رئيس الوزراء وتكلم معي كلاماً كثيراً ليس له أي معنى، وفي وسط الكلام قال لي الجملة التي أراد إيصالها لي، وهي: "أشتيك تعرف وتفهم أني أنا أدعم فلان الفلاني". هذا معناه أنهم مش مجرد شركاء في تقاسم الأموال المنهوبة، وإنما شركاء تجاريون أيضاً في عدة شركات ومؤسسات ومكاتب تجارية (والإثباتات لديّ)، بمعنى أن العلاقة فيما بينهم تشكل مصالح مؤقتة (هي تقاسم أموال الفساد)، ومصالح دائمة (هي الشراكة التجارية)، فهل سيتركون عضواً منهم يسقط؟! وإن سقط هل سيتركونه بعد السقوط؟!
اقتلع الفاسد؛ لكن المعركة لم تنتهِ؛ إذ يجب محاكمته واستعادة الأموال المنهوبة. وهذا لن يتم إلا بتوجيهات عليا من السيد القائد. لكن تداعيات الاقتلاع لا تزال تفور في عروق الشلة، لاسيما كبارهم، وبالذات لأن الاقتلاع تم غصباً عنهم جميعاً ومن فوق رؤوسهم.
فهناك أولاً حذر شديد وحرص على أن يجلس خالد العراسي بالبيت بدون أي عمل؛ لأنه مُؤذٍ ومُتعِب جداً؛ فهو أولاً: شغال صح ونزيه وأفكاره تطويرية وتحديثية، وهذا يتناقض مع توجه شلة الفساد والفشل، وثانياً: لديه قلم جريء وجمهور يتابعه وكلمته مسموعة من الشرفاء والأحرار، وأيضاً يكتب في صحيفة تصل إلى السيد القائد ويتابعها باستمرار، إضافة إلى أن لديه قنوات تواصُل خاصة قوية وسريعة، وهذا يرعبهم ويجعلهم يكيدون ويكيدون حتى يصلوا إلى شيئين، الأول هو: ترقيدك بدون عمل، والثاني: إسكات صوتك وكسر قلمك، وبالتالي إحباطك وتدمير معنوياتك وهزيمتك نفسياً وإدخالك في مرحلة الهذيان فالجنون.
فبعد المعركة العنيفة التي خضتها (مع الهامور اللعين وكل من يدعمه ويؤيده ويخدمه)، وبعد أن بعت ما فوقي وما تحتي وغرقت ديوناً، من الطبيعي أن أكون قد وصلت إلى مرحلة الضعف واقتربت من الانهيار والسقوط وبت في الرمق الأخير، وهي اللحظة المناسبة لانقضاض "الأعفاط" عليك والفتك بك من خلال جولة جديدة من الصراع مع شبكة مافيا الهوامير.
إن لم يكن الأمر كذلك، فكيف صدر قرار تعيين لشخص بدلاً مني في العمل الجديد قبل حتى أن أستلم العمل؟!
إن لم يكن الأمر كذلك، فلماذا تم رفض قرار تعييني في وزارة الصناعة والتجارة؟! وكيف صدر قرار لشخص غيري ولا يزال حبر قرار تعييني لم يجف بعد؟! ولماذا عيّنوني من الأساس ثم تتم الإقالة خلال أيام؟! وهل المقصود هو خروج مهين؟! والله ما أهنتم إلا أنفسكم!
إن لم يكن الأمر كذلك، فما الذي يجعلهم يقحمون فخامة رئيس المجلس السياسي الأعلى في الموضوع ويتحججون بأنهم أزاحوني من عملي الجديد بناء على توجيهاته، حسب ما قاله أحد الوزراء لأحد كبار ضباط جهاز الأمن والمخابرات؟! أليس في هذه الحجة محاولة متعمدة لتقزيم الرئيس؟! وكأنه أولاً يهتم بصغائر الأمور وسفاسفها، وثانياً إظهاره كدكتاتور منتقم ينتظر اللحظة المناسبة للتنكيل بهذا وذاك لأسباب تافهة؟! وكأنّ فخامته ما عاد معه أي عمل إلا يدوّر من كتب عليه كلمتين ولو بالتلميح (حسب قولهم)، وما علاقة العمل والوظيفة بالكتابة والصحافة؟!
وكيف لم يحاسبوا المسيء، بل والمجرم عملياً ممن نهبوا مليارات، بينما يحاسبون صاحب كلمة الحق والعمل الصالح؟! حاشى وكلا أن يكون رئيسنا هكذا! وللعلم والإحاطة: من يصورون الأمر بهذا الشكل جذورهم عفاشية، مما يثير الشك والريبة.
وللعلم والإحاطة أيضاً: أحدهم لديه غرفة كلها شاشات يتابع من خلالها البورصة الأمريكية والأوروبية وفي يده جهاز (آي باد) يبيع ويشتري أسهماً، وشغال قرعة يومياً لساعات طويلة. أما في يومي الاثنين والخميس فيظل على هذه الحال حتى منتصف الليل! قلدكم الله من يستحق التنكيل والعقاب والسجن والتعزيز والتعليق في باب اليمن؛ أنا أم أفراد شلة الفساد والخيانة؟!
ألا يجب أن يتحد كل الشرفاء لمواجهة هؤلاء الهوامير، الذين شوهوا كل شيء جميل في هذا الوطن وفي هذه المسيرة الطاهرة؟! ألا يجب أن يتحدوا لاستعادة الأموال المنهوبة، التي ستشكل أكبر رافد لخزينة الدولة؟! تخيلوا أن مدير مكتب أحد الوزراء تصل ثروته إلى مليار ريال!
ألا يجب أن يتحدوا لتغيير الأوضاع وقلبها رأساً على عقب بما يصب في تحسين الوضع المعيشي والخدمات ورفع المظالم وتحسين الأوضاع بشكل عام وتصحيح وضع مؤسسات الدولة؟! أم استمرار التدهور إلى أن يصل الوضع إلى الانهيار؟!
لا أدعوكم إلى نجدتي، فالله عز وجل حسبي ونعم الوكيل، وإنما أدعوكم لنجدة المسيرة وتخليص الوطن من أكبر عصابة في حكومة الإنقاذ. ما لكم كيف تحكمون؟!

أترك تعليقاً

التعليقات