بشائر النصر من جبهة الكويت
 

أنس القاضي

راهن العدو على أن أنصار الله إنما هوَ تنظيم عسكري مزاجه حربي، قابل للاستفزاز والقيام برد فعل صبياني غير مخطط؛ ففاجأهم بقدرته الدبلوماسية العالية، الثورية لا البراجماتية. كانت قوة موقفنا الوطني في الانسحاب من الكويت أو عدم الحضور مع واقع استمرار العدوان، فيما قوتهم اليوم هي الاستمرار وجَرّ الطرف الآخر للالتزام والتوصل إلى حل، وقوة هذا الموقف لوفد صنعاء أجبرت وفد الرياض على التهرب والتغيب عن الجلسات، والانسحابات المتكررة غير المبررة، التي تعكس ضعفهم النظري والعملي، وانعدام المسؤولية من قبلهم في رفع المعاناة عن الشعب اليمني، الذي يدعون وصلاً به كحكومة شرعية لهُ! أتتهرب الحكومة الشرعية من صناعة الحل، وتطلب شروطاً تعجيزية كعلي محسن رئيساً، فيما الانقلابيون يريدون الحل ومستعدون للشراكة الوطنية وللتوافق حول سلطة جديدة تمثل كافة الأطراف والقوى السياسية! 
سافرَ وفدنا المفاوض إلى الكويت، ووافق على المفاوضات، شارطاً وقفاً كاملاً ونهائياً لإطلاق النار، استمرَّ ليومين، حتى خُرق من قبل العدوان وأدواته؛ فأدرك وفدنا الوطني المغزى من هذهِ الخروقات -أنها ليست مجرد أخطاء عسكرية أو محاولات لاجتياح مدن، فقد عجزوا عن ذلك- وتدارك الوقوع في المصيدة الخبيثة التي أُعدت لهُ، وتعامل مع هذه المعطيات الجديدة بوعي ومسؤولية أكبر، لإدراكه أن الطرف الآخر، ومن خلال ممارساته الميدانية والتفاوضية، ليسَ متجهاً صوبَ حل الأزمة، ولغياب الفاعل الحقيقي في هذه المفاوضات، وهي السعودية، في ظل حضور ضعيف وعاجز للعملاء، فأخذ وفدنا الوطني على عاتقهِ مجاراة هذه القوى، ومجاراة دعاواها وما تطرحه من أسباب مموهة لسبب العدوان الحقيقي، ولما تُريده كمستقبل لليمن، لفضحها أمام الرأي العام المحلي والعالمي، وإقامة الحُجة عليها، فإذا ما عادَ دونَ أن يكون قد توصل لحل نهائي للأزمة، يكون قد أوضح للشعب المُعرقل الحقيقي، ويكون صاحب الموقف الأقوى سياسياً، كما هوَ شعبياً وعسكرياً، فمجرد انسحاب وتغيب عن جلسة لوفد الرياض يفضحهم ويكشف وضعهم ونواياهم، بالشكل الذي لا تستطيع أن تعمل عليه حملة إعلامية وتوعوية لأشهر.   
كل الخروقات والإشارات الميدانية السلبية من قبل العدوان ومرتزقته، مقصودة ومدروسة، لكي تجبر الوفد الوطني على مغادرة الكويت وفقاً لتصريحاته السابقة، وحينها سيحملونه المسؤولية عند المجتمع اليمني وعند الرأي العالمي، وستضخ وسائلهم الإعلامية هذا الخبر لتثبته على ما راكمته من تضليل طوال العدوان من قبيل: (الانقلابيون يرفضون الحل.. الانقلابيون يرفضون تسليم السلاح.. يرفضون القرارات الدولية)، وسيتحركون عسكرياً بشكل أكبر بموازاة ذلك في كل الجبهات! فارضين واقعاً جديداً، خاصةً في المناطق الجنوبية، ودخول المارينز الأمريكي، ومسرحيات تطهير المكلا من القاعدة، كانت ممهدات لهذا المشروع، وكان وفدنا الوطني أكثر نباهةً، ولم يعطهم هذه الأهداف على طبق من ذهب.
 اليوم، وفد الرياض هم مَن ينسحبون من الجلسات بدون مبرر، وظهروا بدون مشروع وبدون مسؤولية تجاه الوطن المحاصر برضاً منهم، هم مَن يعرقلون الحل، ويتغيبون عن الجلسات، ويطرحون شروطاً تعجيزية، ووفد صنعاء من يطالبهم بالالتزام بالقرارات الدولية والاتفاقيات الداخلية، ويطالبهم بتشكيل سلطة متفق عليها ليسلم الجميع السلاح لها. نجح وفدنا الوطني بشكل كبير في إظهار وفد الرياض وولد الشيخ على حقيقتهم المعادية للشعب، للحل، والسلام، والمعيقة لرفع المعاناة عن الشعب اليمني، وحل الأزمة بأبعادها العسكرية والسياسية والاجتماعية. وفي رأيي فمسألة التوصل إلى حل تكاد تكون قريبة مع سقوط آخر ورقة ضغط من قبلهم، تمثلت في اللعب بسعر الدولار عبر أدواتهم في الداخل، واليوم مسألة عودة الوفد الوطني إلى صنعاء إذا ما ظلوا على تعنتهم، أصبحت واردة، خاصة وأن الحجة قد أُقيمت على العدو، وأن وفدنا الوطني قدم كل التنازلات الوطنية، وطرح مشروعاً واقعياً، مشروعاً يفترض أن يطرحه طرف ثالث، وليس طرفاً رئيسياً، ووافق على مرجعيات الحوار المتمثلة في القرارات الدولية والمبادرة الخليجية واتفاق السلم والشراكة، بل طالبهم بالالتزام بها، ولم يتبق لوفد الرياض وقوى العدوان أية حجة على القوى الوطنية، بل الحجة عليهم أقيمت. 

أترك تعليقاً

التعليقات