«باي باي» أيهـــا الكبيــر
 

أنس القاضي

صاحب العبارة الثورية الساخرة والشهيرة «باي باي حسونة»
«باي باي» أيهـــا الكبيــر

أنس القاضي / لا ميديا -
أبو حمزة محمد محسن الكبير، عامل بناء ثائر قرآني ورجل قبيلة يتقد حمية وحرية. كان مضرباً للشجاعة والإقدام والمروءة. يتذكره المستضعفون في بلاده كبطل شعبي. 
كان نصيرهم في مواجهة لصوص الأراضي والنافذين والمستكبرين في العصيمات، المستقويين ببيت الأحمر.
محمد الكبير كان أيضاً مثالاً للعامل القوي المخلص المبدع في تشييد المنازل من حجارة صلبة يعجز عن حملها الرجـــــال الأقويـــاء. لقد حمل تلك الصخور العظيمة التي غدت كالعجينة تشكلها يداه، وحمل قضية أعظم منها تنوء بحملها الجبال، وهي قضية تحرير الوطن والإنسان من الهيمنة الأجنبية والاستبداد الداخلي والجماعات التكفيرية، مجاهداً في صفوف المسيرة القرآنية. 
في العام 2010، عقب الحرب السادسة على صعدة، واجه محمد الكبير حشداً من التكفيريين، وخرج منتصراً، ففي ذلك العام دعا حسين الأحمر إلى نكف قبلي في حاشد، بزعم أن «الحوثيين سيقتحمون حوث»، وجاءت قناتا «الجزيرة» و»العربية» لتغطية الحدث. أراد حسين الأحمر أن يُسجل نصراً لصالح السعودية في مواجهة رجل و6 من رفاقه المجاهدين الذين كانوا حاضرين في حوث لتأدية واجب العزاء.
طوال تلك الليلة حشد حسين الأحمر ما يصل إلى عشرة آلاف مقاتل، وكان هدفهم الرئيسي محمد محسن الكبير، المتحصن في منزله. آلاف المقاتلين من القبائل وتكفيريي جامعة الإيمان يطوقون منطقة حوث ومنزل الكبير في محافظة عمران! اقتحموا حوش منزله، أرادوا الدخول لقتل الجميع، فالجميع بنظرهم كفار روافض.
تقدم أحد التكفيريين مقتحماً حوش منزل الكبير فلقي مصرعه بطلقة عاجلة. توزع محمد الكبير ورفاقه المجاهدون في المنزل، يردون على النيران التي تتصاعد من كل الجهات. كأن مأساة إبراهيم الخليل ومعجزته عادت من جديد! كانت النيران تنهال على المنزل من مختلف الأسلحــــة الخفيفــــــــة والمتوسطة. اجتمع التكفيريون وهم يصبون نيران حقدهم على المنزل، وكذلك المرتزقة والمقاتلون القبليون الموالون لحسين الأحمر. يومها أراد جميع المقاتلين أن يسجلوا مشاركتهم في المعركة، فلم يدخروا الذخيرة صوب الكبير ومنزله الذي بات بمثابة حصن عصي عليهم. افترض التكفيريون أنهم سيخرجون من المعركة منتصرين، كيف لا والخصم مجرد فرد وستة من رفاقه المجاهدين؟! كانت المعركة محسومة بالنسبة للتكفيريين، وبالنسبة لحسين الأحمر، الذي تهيأ ليبشر بني سعود بخبر إسقاط منطقة هي تحت سيطرته أصلاً! وقد نشرت وسائل الإعلام السعودية يومها: «الشيخ حسين الأحمر وقبائله يطهرون حوث معقل بدر الدين الحوثي». 
استمرت المعركة من الصباح الباكر حتى غروب الشمس، حول المنزل المحاصر في حوث، منطقة الضلعة. سقط أربعة من التكفيريين المعتدين في حوش منزل محمد الكبير. وحينما شاهد الآخرون زملاءهم ملطخين بدمائهم تحطمت نفسياتهم. شيء ما إلهي قذف الرعب في قلوبهم. خرج محمد الكبير من منزله، من وسط عشرة آلاف مقاتل، خرج مصاباً ينزف، وعلى كتفه الأيمن بندقية مضرجة بالدماء لم تعد قابلة للاستخدام، وعلى كتفه الآخر بندقية أخرى مكابرة كجبهته، ومعه زوجته وصغاره، فيما انتشر رفاقه من حوله وبنادقهم في أيديهم. مر من بين الجميع وخرج من حوث. لم يصدق أحد كيف نجا من منطقة كانت تغص بالمقاتلين الموالين لحسين الأحمر وبتكفيريي جامعة الإيمان! خرج منتصراً، ولا تزال على أنفه الشامخ ندبة من تلك المعركة.
ومع إرهاصات الثورة الشعبية المجيدة في العام 2014 كان محمد الكبير حاضراً، بطل المستضعفين مرة أخرى في مواجهة الطغيان. حين شاهده التكفيريون وأنصار حسين الأحمر انهارت معنوياتهم، فهم يعرفونه جيداً وكيف قهرهم في الأمس غير البعيد عندما كانت السلطة كل السلطة معهم، وكان المجتمع في حالة استكانة. كان الكبير قائداً في معركة إسقاط بيت الأحمر، تلك المعركة التي انتهت بمقطع فيديو ساخر من إمبراطورية إقطاعية كانت تهيمن من مركزها في حاشد وصنعاء على كل اليمن.
الرجل الذي قهر آلاف المقاتلين، ارتقى اليوم شهيداً في معركة النفس الطويل، في صف شعب قهر تحالفاً عدوانياً دولياً. التحق بولديه الشهيدين، فعليهم السلام أجمعين.

أترك تعليقاً

التعليقات